في زمن تختلط فيه الحقائق بالرغبات، وتُحاك فيه التهم على مقاس الولاءات السياسية، يخرج علينا من يزعم فيه أن اللواء هاشم الأحمر “باع الجمهورية” و”خدم المشروع الحوثي”، متناسياً – أو متغافلاً عمداً – عن محطات حافلة قدّم فيها الرجل مواقفاً لا يمكن أن تصدر عن من يتهمه اليوم بالخذلان أو الخيانة.
إن اختزال سيرة رجل ناضل طويلاً ضد مشروع الإمامة، ووقف في جبهات القتال دفاعاً عن الدولة والجمهورية، في لحظة سياسية لم تعجب كاتب مقال، ليس إلا تجنٍّ سافر وتزويراً للتاريخ القريب.
فاللواء هاشم الأحمر، ابن أسرةٍ دفعت أثماناً غالية في مقاومة الكهنوت، لم يكن يوماً صدىً لخصوم الجمهورية، بل كان رقماً صعباً في معادلة المقاومة الوطنية، وصوتاً حراً لا يساوم على قناعاته ولا يصفق للخطأ، حتى لو جاء من داخل “معسكر الشرعية”.
أن يُتهم هاشم الأحمر بـ”الخذلان” لأنه رفض أن يكون شاهد زور على أخطاء قاتلة ارتكبتها السلطة التي يفترض أن تمثل الجمهورية، لا أن تتاجر باسمها.
فهل الدفاع عن الدولة يعني بالضرورة الصمت على الفساد والتفكك والانقسام؟ وهل الإنصاف والمطالبة بالإصلاح تُعدّ خيانة؟ أم أن الوطنية اليوم تقاس بمدى الطاعة العمياء؟
ثم يُتهم الرجل بالصمت عن جرائم الحوثيين، رغم أن مواقفه العلنية منذ بداية الحرب تؤكد رفضه القاطع لهذا المشروع الطائفي. لكن ما يريده البعض هو صراخ أجوف، لا مراجعة هادئة، وهتاف عابر لا نقد بنّاء، يريدونه صدىً لا صوتاً، تابعاً لا شريكاً في القرار الوطني.
أما الحديث عن “تخلي هاشم عن إرث والده” فهو حديث إنشائي لا يسنده واقع، فالحقيقة أن من يخذل إرث الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، هم أولئك الذين حولوا الجمهورية إلى سلعة، وأفرغوا مؤسساتها من مضمونها، وجعلوا من الشرعية منصة للفساد والمناصب.
لا أحد فوق النقد، ولكن لا يجوز أن يتحول النقد إلى أداة اغتيال سياسي، ولا أن يُستخدم قلم الصحافة لتصفية الحسابات على حساب الحقيقة والإنصاف، وهاشم الأحمر، بقدر ما له من مسؤوليات، له أيضاً سجل مشرف لا يطويه مقال موجه ولا تسقطه حملة مبرمجة.
ختاماً - التاريخ – لا المانشيتات – هو من يحكم، والتجارب وحدها تكشف معادن الرجال، واللواء هاشم الأحمر سيظل في ذاكرة اليمنيين لا بما يقوله خصومه، بل بما قدّمه في ميادين الشرف والسياسة، وبما رفضه من مساومات على حساب الوطن.
فالجمهورية لا تختزلها العناوين… بل تصنعها المواقف.