.. يحيى السنوار.. ابن غزة البار، صوت الأرض والسماء الذي لا يموت، كيف أكتب عنك وأنت الذي تخطيت حدود الكلمات، لتصير قصة في كل بيت، في كل زقاق من أزقة غزة، وفي كل ضمير حي ينبض بحرية فلسطين؟
يحيى.. أيها الرجل الذي لم يساوم في دماء الشهداء، ولم يتخلَّ عن مبدأ واحد من مبادئ المقاومة، كنت دائمًا هناك، حاضرًا كالطود الشامخ، ترفع راية الكرامة وتصدّ عواصف الذل والهوان.
كيف يمكن لنا أن نتحدَّث عن رحيلك؟ وأنت الذي كنت دائمًا تعلِّمنا أنَّ الأبطال لا يرحلون، بل يتحولون إلى رموز خالدة.
لقد أرهقت العدو بجسارتك، وألهمت الصديق بحبك للأرض التي احتضنتك وعلَّمتك دروس الصمود، وكنت تجسيدًا حيًّا للثورة، للبسالة، وللشجاعة التي لا تعرف المستحيل.
من بين ركام البيوت المدمَّرة، كنتَ تصنع الأمل، تُعيد تشكيل المعنى للكرامة، وتجعل من تضحياتك رسالة واضحة: فلسطين لن تسقط طالما أنَّ هناك من يدافع عنها بروح كروحك. يحيى، لم تكن مجرد قائد عسكري، بل كنت قدوة للشباب، للجيل الذي يتعلم منك أنَّ النصر ليس بالأرقام، بل بالإرادة التي لا تنكسر، وبالإيمان الذي لا يضعف.
يحيى السنوار، أنت اليوم أكثر من اسم على قائمة الشهداء، أنت فكرة حيَّة في وجدان كل فلسطيني، وفي قلب كل عربي ما زال يؤمن أن الأوطان تستحق أن نحيا ونموت لأجلها. تركْتَ وراءك إرثًا ناصعًا، حكاية لن تُمحى من الذاكرة، وشعلة ستظل تنير الطريق لكل من يسير على درب المقاومة.
وداعًا يا ابن غزة، يا من ستبقى خالدًا في صفحات التاريخ. لم يكن رحيلك نهاية، بل بداية جديدة لثورة لا تموت، ولصوتٍ يعلو فوق كل الأصوات، يؤكد أن العدو وإن امتلك السلاح، فلن يمتلك أبدًا عزيمة المؤمن بحقه، وبحريته، وبأرضه.