غروندبرغ: لا سلام في اليمن دون عملية سياسية شاملة ودعم دولي منسق

تقارير

أكد المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أن السلام في اليمن لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال عملية سياسية جامعة وشاملة، يشارك فيها جميع اليمنيين لصياغة مستقبل بلادهم، مشددًا على أن تلك العملية لن تنجح بدون دعم إقليمي ودولي فعّال ومتواصل.

وأوضح غروندبرغ، في تصريحات صحفية، أن التقدم نحو تسوية سياسية عادلة وشاملة ليس أمرًا مستحيلًا، بل هو ممكن وواقعي، إذا ما توفرت الإرادة السياسية والدعم اللازم. وأكد التزامه، إلى جانب الأمم المتحدة، بالمضي قدمًا نحو السلام بصبر وتصميم، رغم التحديات المتزايدة.

 

تحولات إقليمية تعيق المسار

وأشار المبعوث الأممي إلى أن اتفاقًا مبدئيًا تم التوصل إليه بين الأطراف اليمنية في أواخر عام 2023، يتضمن وقفًا شاملًا لإطلاق النار على مستوى البلاد، وبدء تحضيرات لعملية سياسية، بالإضافة إلى اتخاذ تدابير اقتصادية وإنسانية عاجلة.

لكن غروندبرغ أقرّ بأن التطورات الإقليمية، خصوصًا في البحر الأحمر، بعد تصاعد التوترات العسكرية بين الحوثيين وإسرائيل، شكلت عائقًا أمام إحراز مزيد من التقدم، إلا أنها في الوقت ذاته كشفت عن الحاجة الماسة للعودة إلى طاولة الحوار السياسي، وضرورة إشراك اليمنيين في تقرير مصيرهم بأنفسهم.

 

تشابك داخلي وإقليمي

وأضاف غروندبرغ أن الأزمة اليمنية لا تنفصل عن البيئة الإقليمية المتوترة، مشيرًا إلى أن الهجمات التي نفذها الحوثيون ضد مطار بن غوريون، والرد الإسرائيلي باستهداف ميناء الحديدة ومطار صنعاء، تُعيد اليمن إلى صدارة التصعيد الإقليمي. وعبّر عن أمله في أن يُسهم الإعلان الذي قادته سلطنة عمان مطلع مايو، بشأن وقف الأعمال العدائية بين الولايات المتحدة والحوثيين، في تخفيف التوتر وخلق مساحة للدبلوماسية.

 

انعدام ثقة وتصعيد مقلق

أحد أبرز التحديات، بحسب غروندبرغ، يتمثل في انعدام الثقة العميق والمتجذر بين الأطراف اليمنية، إلى جانب التصعيد الإعلامي، وتكرار حلقات العنف والردود الانتقامية، فضلًا عن أزمة اقتصادية متفاقمة تقود البلاد إلى حافة الانهيار.

رغم ذلك، أشار إلى وجود أولويات متفق عليها بين معظم اليمنيين، مثل وقف إطلاق نار دائم مدعوم بترتيبات أمنية فعّالة، وتخفيف المعاناة الاقتصادية، لا سيما من خلال صرف الرواتب وتوفير الوقود والاحتياجات الأساسية.

 

لا للحلول الأحادية

وفي ما يتعلق بتصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة، شدد غروندبرغ على أن ذلك "قرار سيادي"، لكنه أكد في الوقت نفسه أن حل النزاع في اليمن لا يمكن أن يتم عبر إجراءات أحادية، داعيًا إلى مفاوضات جادة وبحسن نية، تحت مظلة الأمم المتحدة وبدعم دولي منسق.

 

الإفراج عن موظفي الأمم المتحدة

وعبّر المبعوث الأممي عن قلقه البالغ إزاء استمرار احتجاز الحوثيين لموظفي الأمم المتحدة والعاملين في المنظمات الإنسانية والدبلوماسية، واصفًا الأمر بأنه "انتهاك خطير للقانون الدولي وللقيم الإنسانية الأساسية".

وجدّد غروندبرغ دعوته للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين، مشددًا على أن هؤلاء الموظفين كرّسوا حياتهم لخدمة المجتمعات المحلية في ظل أوضاع صعبة وخطرة.

 

دور النساء غير قابل للتجاهل

وفي ما يتعلق بمشاركة المرأة في عملية السلام، شدد المبعوث الأممي على أن النساء اليمنيات لعبن دورًا محوريًا في الوساطات المحلية وتعزيز صمود المجتمعات، إلا أن أصواتهن لا تزال غائبة عن طاولات المفاوضات. واعتبر أن أي عملية سلام لا تشمل النساء هي عملية ناقصة، مؤكدًا التزام مكتبه بإشراك النساء في المسارات السياسية والاقتصادية والأمنية بشكل فعّال.

 

لا حلول سريعة... ولكن ممكنة

واختتم غروندبرغ تصريحاته بالتأكيد على أن معظم اليمنيين لا يطلبون المعجزات، بل يبحثون عن سلام يُمكّنهم من إعادة بناء حياتهم بكرامة. وقال: "لا يوجد حل سريع، لكن بداية الطريق تكون بوقف إطلاق نار دائم، قائم على الثقة التي تُبنى بالعمل الميداني، وليس بالوعود وحدها".

وأوضح أن مكتبه يواصل التواصل مع الجهات العسكرية والسياسية لدعم حلول محلية، مثل فتح الطرق، وتخفيف التوترات، من خلال آليات تنسيقية مثل لجنة التنسيق العسكري المنبثقة عن هدنة 2022.

وأكد أن السلام في اليمن لا يعني فقط وقف إطلاق النار، بل يشمل الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، ما يتطلب صرف رواتب الموظفين، وضمان تدفق الوقود، واستمرار الخدمات الأساسية، وهي ملفات طرحت فيها الأمم المتحدة مقترحات فنية لدعم التعافي.

 

  • إيجاز برس – وحدة الشؤون السياسية