قراءة في الهجوم الأمريكي الأخير على صنعاء وعدة محافظات يسيطر عليها الحوثيين

تقارير

في تصعيد عسكري غير مسبوق، شنّت الولايات المتحدة يوم أمس غارات جوية مكثفة على مواقع الحوثيين في مختلف أنحاء اليمن، وذلك في خطوة جديدة ضمن استراتيجيتها الرامية إلى تقليص نفوذ الجماعة المدعومة من إيران في المنطقة.

يأتي هذا الهجوم بعد فترة من التصعيد المتزايد في العلاقات بين واشنطن والحوثيين، وهو يعد أحد أقوى الهجمات العسكرية الأمريكية في اليمن منذ تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية في وقت سابق من العام الماضي.

 

تفاصيل الهجوم:

الهجوم الأمريكي شمل العديد من المواقع الاستراتيجية التابعة للحوثيين في عدة محافظات يمنية، من بينها صنعاء، والحديدة، وصعدة، وغيرها من المناطق التي تسيطر عليها الجماعة.

وقد استخدمت القوات الأمريكية أسلحة متطورة وقنابل ضخمة، بما في ذلك الطائرات الحربية الأمريكية والطائرات المسيرة، ما جعل الغارات تشعر بها جميع أنحاء اليمن.

الطائرات الأمريكية استهدفت مخازن الأسلحة، ومراكز القيادة والسيطرة، بالإضافة إلى منشآت تخزين الطائرات المسيرة التي يستخدمها الحوثيون في شن هجماتهم على السفن في البحر الأحمر.

 

الهدف وراء الهجوم:

هذه الضربات تأتي في إطار استراتيجية واشنطن للحد من تهديدات الحوثيين في المنطقة، خصوصًا تلك التي تستهدف السفن التجارية في البحر الأحمر، الذي يعد أحد أهم الممرات المائية في العالم.

كما تهدف واشنطن إلى الضغط على الحوثيين لإضعاف قدرتهم العسكرية، ومنعهم من استمرار فرض واقع عسكري يهدد استقرار المنطقة بشكل عام.

واشنطن صرحت بأن هذه العمليات ستستمر على المدى الطويل، وأن الهدف منها هو تقليص سيطرة الحوثيين على الأراضي اليمنية وزعزعة قدرتهم على تنفيذ هجمات بحرية أو ضرب أهداف أخرى في المنطقة.

 

ردود الفعل المحلية والدولية:

في الداخل اليمني، كانت ردود الفعل متباينة، إذ عبّر العديد من اليمنيين عن استيائهم من استمرار القصف الأمريكي الذي يضاعف معاناة المدنيين في ظل الوضع الاقتصادي والإنساني المتدهور في البلاد.

ومع ذلك، هناك شريحة من اليمنيين التي ترى في هذه الضربات خطوة ضرورية لوقف تصعيد الحوثيين وتهديداتهم للملاحة البحرية.

على الصعيد الدولي، لاقت الضربات الأمريكية ردود فعل متباينة، حيث دانت بعض الأطراف الدولية التصعيد الأمريكي الذي قد يؤدي إلى مزيد من تفاقم الأوضاع في اليمن.

في المقابل، رحبت بعض الدول الغربية مثل بريطانيا وفرنسا بهذه الضربات، معتبرة أنها تأتي في إطار حماية حرية الملاحة وحفظ الأمن الإقليمي.

 

الآثار المحتملة للهجوم:

1.     زيادة التصعيد العسكري: من المتوقع أن يكون هذا الهجوم بداية لجولة جديدة من التصعيد العسكري في اليمن. الحوثيون قد يردون على هذه الضربات بهجمات مماثلة على السفن التجارية أو استهداف مواقع أمريكية في المنطقة، وهو ما قد يفضي إلى تصعيد أكبر يعمق الأزمة.

2.     تأثير على المحادثات السياسية: يُحتمل أن تؤثر هذه الضربات بشكل كبير على أي محاولات للتوصل إلى حل سياسي في اليمن. التصعيد العسكري من جانب الولايات المتحدة قد يقلل من فرص إجراء محادثات سلام بين الأطراف المتنازعة في اليمن، ويدفع الحوثيين إلى رفض أي مساعي للتفاوض.

3.     زيادة الأزمة الإنسانية: مع استمرار الضربات العسكرية، قد تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، التي أصبحت بالفعل واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. يتعرض المدنيون في المناطق المستهدفة للقصف لمزيد من المعاناة في ظل نقص الموارد الأساسية مثل الغذاء والماء والدواء.

4.     التأثير على علاقات واشنطن مع دول المنطقة: قد تؤثر هذه الضربات على العلاقات بين الولايات المتحدة ودول المنطقة، خاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتين تقودان التحالف العسكري ضد الحوثيين منذ عام 2015. رغم التنسيق العسكري المشترك بين واشنطن والرياض، فإن استمرار الضغوط العسكرية قد يدفع إلى مزيد من التساؤلات حول استراتيجية واشنطن في المنطقة.

 

توقعات المستقبل:

الهجوم الأمريكي الأخير يعتبر بمثابة اختبار لقدرة إدارة الرئيس الأمريكي على التعامل مع ملف الحوثيين. إذا استمر الحوثيون في التصعيد، فمن المحتمل أن تتوسع العمليات العسكرية الأمريكية لتشمل أهدافًا أخرى في مناطق مختلفة.

في المقابل، قد يحاول الحوثيون الرد بشكل أكبر على الهجمات الأمريكية، سواء عبر استهداف السفن في البحر الأحمر أو عبر إطلاق صواريخ على مواقع في السعودية أو الإمارات.

الولايات المتحدة على الأرجح ستستمر في تنفيذ عملياتها العسكرية في اليمن، ولكن السؤال يبقى حول مدى تأثير هذه العمليات في إضعاف الحوثيين، وما إذا كانت ستؤدي إلى حدوث تحول حقيقي في الميدان العسكري، أو ما إذا كانت ستظل عمليات غير حاسمة على غرار ما شهدناه خلال السنوات الماضية.

خاتمة:

الهجوم الأمريكي على الحوثيين في اليمن يعكس استراتيجيات معقدة تهدف إلى حماية الأمن الإقليمي ومنع الحوثيين من السيطرة على مزيد من الأراضي، بينما تظل آفاق التوصل إلى تسوية سياسية غامضة في ظل التصعيد العسكري المستمر.

ما يحدث في الأيام المقبلة سيكون حاسمًا في تحديد مستقبل النزاع اليمني وموقف الأطراف الدولية والإقليمية منه.