التصعيد العسكري في اليمن.. بين التصريحات الإعلامية والتأكيدات الدولية على التسوية السياسية

تقارير

على الرغم من التصعيد الإعلامي الأخير المحسوب على الحكومة المعترف بها دوليًا في اليمن، لا يزال المجتمع الدولي والإقليمي يعطيان أولوية للتسوية السياسية، مؤكدين التزامهم بخريطة الطريق التي تم التوافق عليها بين الأطراف اليمنية في ديسمبر 2023.

هذا في وقت تواصل فيه العمليات العسكرية على الأرض، وإن كانت محدودة مقارنةً بما كانت عليه في سنوات الحرب السابقة.

في الثالث من مارس 2025، التقى السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، بالسفير العراقي لدى اليمن، قيس العامري، حيث ناقش الجانبان مستجدات الأزمة اليمنية.

وفي تدوينة على منصة "إكس"، أشار آل جابر إلى أن اللقاء تضمن استعراض الجهود السعودية السياسية والإنسانية والاقتصادية والتنموية في اليمن، بالإضافة إلى دعم المملكة لجهود السلام، بما في ذلك دعم المبعوث الأممي الخاص لليمن في مهمته الرامية إلى تنفيذ خريطة الطريق بين الأطراف اليمنية.

من جهته، أكد المبعوث الأممي الخاص لليمن، هانس غروندبرغ، في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي، على أهمية الالتزام بخريطة الطريق باعتبارها مسارا قابلًا للتطبيق.

ولكنه حذر من أن عدم التزام الأطراف بالتهدئة قد يؤدي إلى عودة الحرب واسعة النطاق، مما يهدد الجهود الدولية المبذولة لتحقيق السلام في اليمن.

 

تصعيد عسكري محدود على الأرض

رغم التصريحات الإعلامية من قبل الحكومة اليمنية التي توحي بتصعيد عسكري وشيك، لا يبدو أن الوضع على الأرض يعكس ذلك.

أمين عام حزب التجمع الوحدوي اليمني ووزير الثقافة الأسبق، عبد الله عوبل، يرى في حديثه لـ«القدس العربي» أن الوضع لا يشير إلى عودة الحرب، مشيرًا إلى أن المملكة العربية السعودية، رغم التصريحات، تفضل التمسك بخريطة الطريق مع الحوثيين، ولا ترغب في العودة للحرب.

ويستبعد عوبل أن تتحقق خريطة الطريق في القريب العاجل، موضحًا أن قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بتصنيف الحوثي منظمة إرهابية قد أوقف تنفيذ الخريطة.

 

الرؤية السعودية والملفات الإقليمية

الباحث في مركز الشرق أوسطي للأبحاث في جامعة كولومبيا، عادل دشيلة، يعتقد أن التصعيد العسكري ليس من مصلحة السعودية في الوقت الراهن.

وفقا له، فإن المملكة تسعى لتقديم خريطة الطريق باعتبارها الحل السياسي، بينما تواجه رفضًا من الحوثيين.

ورغم تصاعد الضغوط الدولية، إلا أن السعودية تفضل تجنب التصعيد العسكري في اليمن، خاصة في ظل ملفات إقليمية أخرى مثل غزة وسوريا ولبنان والعراق، التي تؤثر بشكل مباشر على الاستراتيجية السعودية تجاه اليمن.

 

التسوية السياسية في ظل التصعيد الإعلامي

من خلال تحليل المواقف المختلفة، يمكن استنتاج أن المجتمع الدولي والإقليمي لا يزالان يدعمان التسوية السياسية باعتبارها الخيار الأفضل لحل الأزمة في اليمن.

على الرغم من التصعيد الإعلامي المتزايد من قبل بعض الأطراف، إلا أن الحرب لا تزال غير واردة كخيار إقليمي أو دولي، لأن تداعياتها ستؤثر بشكل سلبي على استقرار المنطقة ككل.

إلى جانب ذلك، يظل ملف اليمن مترابطًا بشكل وثيق مع القضايا الإقليمية الأخرى، ما يضيف تعقيدًا إضافيًا لأي حل سياسي، وبالتالي، فإن خيار التسوية السياسية ما زال قائمًا، حتى وإن تراجعت احتمالاته في ظل الظروف الحالية.