عقدت القمة العربية الطارئة في القاهرة يوم الثلاثاء، حيث ناقش القادة العرب مسودة بيان ختامي يتعلق بالرد على اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن غزة.
وحظيت خطة مصر لإعادة إعمار القطاع الفلسطيني باهتمام كبير، حيث تم اعتمادها كخطة بديلة، ودعت القمة إلى دعم دولي واسع للخطة، بما في ذلك دعم من المؤسسات المالية.
تضمنت مسودة الخطة المصرية، التي جرى تسريب تفاصيلها عبر وكالة رويترز، مشروعًا بقيمة 53 مليار دولار لإعادة إعمار غزة.
الخطة التي تبلغ 112 صفحة تضم خرائط توضح كيفية إعادة تطوير أراضي غزة، مع صور ملونة تم إنشاؤها باستخدام الذكاء الاصطناعي، تشمل مشاريع الإسكان، الحدائق، المراكز المجتمعية، ميناء تجاري، مركزًا للتكنولوجيا، وفنادق على الشاطئ.
كما تركز الخطة على إعادة إعمار القطاع بشكل مستدام، مع ضمان أن يبقى الفلسطينيون في أراضيهم.
خطة ترامب والرفض العربي
في وقت سابق، اقترح الرئيس ترامب خطة تقضي بالسيطرة الأمريكية على قطاع غزة بعد انتهاء القتال، مع نقل سكان غزة البالغ عددهم حوالي 2.4 مليون نسمة إلى مصر والأردن، وتحويل القطاع إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".
ورغم الترحيب الحار من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بالخطة، فقد قوبلت برفض واسع من الدول العربية والفلسطينيين، فضلاً عن استنكار دولي كبير.
أكدت الدول العربية، بما فيها مصر والأردن، رفضهم لهذا المقترح، مما دفع ترامب إلى التصريح لاحقًا بأنه لن يفرض الخطة، لكنه سيقوم بالتوصية بها.
من جهته، جدد نتانياهو دعمه لخطة ترامب، معتبرًا أنها "فرصة لإعطاء سكان غزة حرية المغادرة" من دون توضيح التفاصيل الكاملة لفكرته.
وقد ربط نتانياهو بين بقاء سكان غزة تحت سلطة "حماس" والظروف المعيشية الصعبة التي يواجهونها، وهو ما يعزز موقفه في دعم اقتراح ترامب.
الخطة المصرية وإعادة الإعمار
خلال القمة، أعلن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أن الخطة المصرية تم الانتهاء منها وهي جاهزة لعرضها على القادة العرب في الاجتماع الوزاري وفي القمة لإقرارها.
وأكد عبد العاطي أن مصر، التي تعمل بالتنسيق مع قطر والولايات المتحدة في التوسط لوقف إطلاق النار في غزة، ستعرض "رؤية شاملة" تضمن أن يبقى الفلسطينيون في غزة وأن يتم إعادة إعمار القطاع دون تهجير سكانه.
موقف إسرائيل والولايات المتحدة
بعد انتهاء القمة، انتقدت وزارة الخارجية الإسرائيلية خطة الدول العربية، معتبرة أن الخطة المصرية لا تعكس "حقائق الوضع" في غزة بعد الهجوم الإسرائيلي الأخير في أكتوبر 2023.
كما انتقدت الوزارة أن الخطة تترك "حماس" في السلطة، وأشارت إلى أن الدول العربية قد استخدمت الفلسطينيين كأداة ضد إسرائيل على مدار العقود الماضية.
ودعمت إسرائيل بشكل علني مقترح ترامب، معتبرة أن خطة التهجير توفر "فرصة للاختيار الحر" لسكان غزة.
أما البيت الأبيض فقد أبدى تحفظه على الخطة العربية، حيث اعتبر أن "غزة غير صالحة للسكن حاليًا" بسبب الدمار الهائل الذي خلفته الحرب، وأكد أن الرئيس ترامب متمسك برؤيته لإعادة بناء غزة "خالية من حماس".
ردود الفعل الدولية
من جهة أخرى، رحب رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، بالخطة التي قدمتها مصر وشركاؤها العرب، وأكد التزام الاتحاد الأوروبي بدعم جهود إحلال السلام في الشرق الأوسط، مع استعداد الاتحاد لتقديم دعم ملموس لتنفيذ الخطة.
حماس ودعم الخطة
في الوقت نفسه، رحبت حركة حماس بمخرجات القمة العربية، ودعت إلى توفير الوسائل اللازمة لإنجاح الخطة، مع التأكيد على أهمية الضغط على إسرائيل للالتزام باتفاق وقف إطلاق النار.
وطالبت حماس بأن تكون هناك "خطوات عربية موحدة" لضمان تنفيذ التفاهمات المتعلقة بالتهدئة وإعادة الإعمار.
التحديات والآفاق المستقبلية
تواجه الخطة المصرية تحديات كبيرة، سواء من الداخل الفلسطيني أو من الخارج.
فبينما يحظى الاقتراح بدعم عربي كبير، لا تزال هناك تباينات حول كيفية تنفيذ الخطة والضمانات المطلوبة لتحقيقها.
كما أن الموقف الإسرائيلي والرفض الأمريكي للخطة يشكلان تحديات كبيرة في وجهها.
ومع ذلك، تبقى جهود إعادة الإعمار وتوطيد التهدئة في غزة أولوية رئيسية في ظل الأزمة الإنسانية الحادة التي يعاني منها القطاع بعد سنوات من الحروب والدمار.
في النهاية، ستظل القضية الفلسطينية معركة مستمرة على الساحة السياسية والدبلوماسية الدولية، حيث تتضارب المصالح والأولويات بين الأطراف المختلفة، وتستمر الجهود العربية والعالمية في البحث عن حلول مستدامة تحقق السلام في المنطقة.