إضراب المعلمين في تعز: أزمة تعليمية تتفاقم وسط تجاهل حكومي وتصعيد مرتقب

تقارير

 

للأسبوع السابع على التوالي، عاد آلاف المعلمين في مدينة تعز، جنوب غربي اليمن، إلى شوارع المدينة في مسيرة جماهيرية حاشدة، مؤكدين إصرارهم على مواصلة الإضراب المفتوح حتى تحقيق مطالبهم.

 

شارع جمال عبد الناصر، القلب النابض للمدينة، كان اليوم مسرحًا لغضب المعلمين الذين يطالبون بتحسين الأجور وصرف العلاوات المتأخرة، وسط أزمة اقتصادية خانقة وانهيار لقيمة الريال اليمني.

 

منذ ديسمبر الماضي، والعملية التعليمية في مدارس المدينة وريفها مشلولة بالكامل، مع تعنت الجهات الحكومية في التعاطي مع مطالب المعلمين، الذين يرفعون شعار: “لا تعليم بلا حقوق”.

لكن اللافت في تحرك اليوم، ليس فقط استمرار الإضراب، بل اتساع رقعة الاحتجاجات، بانضمام أعضاء من هيئة التدريس بجامعة تعز، وطلاب، وموظفين حكوميين، في مشهد يعكس تصاعد الاحتقان الشعبي نتيجة تردي الأوضاع المعيشية.

 

معركة الرواتب في زمن الانهيار الاقتصادي

 

يطالب المعلمون بتعديل أجورهم بما يتناسب مع تدهور العملة المحلية، إذ باتت رواتبهم لا تفي بأبسط احتياجاتهم اليومية. كما يطالبون بصرف العلاوات المتأخرة وفق سعر الصرف الحالي، وهيكلة الأجور لمواكبة التضخم، إضافة إلى توفير تأمين صحي يخفف من وطأة الأوضاع الصعبة التي يعيشونها.

 

ورغم أن هذه المطالب تعد حقوقًا أساسية، إلا أن السلطات الحكومية تلتزم الصمت، متذرعة بالأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بالبلاد، وهو ما يضع العملية التعليمية أمام خطر حقيقي.

 

تصعيد مرتقب في رمضان.. هل تتحرك الحكومة؟

 

ما يزيد من حدة الأزمة هو إعلان المعلمين عزمهم تصعيد احتجاجاتهم خلال شهر رمضان المقبل، وهو ما ينذر بمزيد من التعقيد في المشهد التعليمي. فالاحتجاجات التي بدأت بمطالب مالية، قد تتطور إلى أزمة اجتماعية وسياسية أوسع، خصوصًا مع استمرار انهيار الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه، وارتفاع أسعار المواد الغذائية.

 

وفي خطوة قد تعكس توجهًا رسميًا لاحتواء الاحتجاجات، أصدرت شرطة تعز تعميمًا يطالب منظمي التظاهرات بالالتزام بقانون تنظيم المسيرات، عبر تقديم طلبات مسبقة تحدد مكان وزمان التحرك والشعارات التي سيتم رفعها. لكن هذا التعميم قد يزيد من التوتر، إذا ما اعتبره المحتجون محاولة لتقييد تحركاتهم بدلاً من الاستجابة لمطالبهم.

 

العملية التعليمية في خطر.. فهل من حلول؟

 

يحذر مراقبون من أن استمرار تعطيل المدارس قد يترك أثرًا طويل الأمد على مستقبل الأجيال القادمة، خصوصًا في ظل عدم وجود أي بوادر لحل الأزمة. فالمعلمون الذين يصرون على حقوقهم يرون أن استمرار التعليم بلا أجور عادلة هو ضرب من العبث، بينما الحكومة التي تماطل في التجاوب مع مطالبهم تخاطر بتدمير ما تبقى من نظام التعليم في البلاد.

 

وفي ظل هذا المشهد المعقد، يبقى السؤال مفتوحًا: هل تتحرك الحكومة لإنقاذ العملية التعليمية، أم أن تعز ستشهد موجة احتجاجات جديدة قد تمتد إلى قطاعات أخرى، في ظل تآكل قدرة المواطنين على تحمل المزيد من الضغوط الاقتصادية؟