في زمنٍ تئن فيه الشعوب تحت وطأة الفساد، وتتهاوى فيه المؤسسات أمام ضربات المصالح الضيقة، خرج مجلس الشورى اليمني ليكتب فصلًا جديدًا في سجل النزاهة.
إعلانٌ ليس كغيره من الإعلانات، بل هو دعوة صريحة لأن يحمل الوطن على أكتافه رجالًا ونساءً يتكئون على أعمدة الشفافية والمسؤولية.
مجلس الشورى، وهو يُعلن فتح باب الترشح لعضوية الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، من 14 يناير وحتى 26 يناير 2025، لا يفتح بابًا فحسب، بل يفتح نافذة للأمل في بلد يتطلع أبناؤه إلى غدٍ أكثر عدلًا ونقاءً.
لم يكن هذا القرار وليد اللحظة، بل هو استحقاق فرضه القانون رقم (39) لسنة 2006م بشأن مكافحة الفساد، الذي نصّت مادته التاسعة (أ) على تشكيل هيئة من أحد عشر عضوًا ممن تتوفر فيهم الخبرة والنزاهة والكفاءة، في تمثيل صادق لمختلف أطياف المجتمع: منظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص، وقطاع المرأة.
في وضوحٍ لا لبس فيه، جاءت شروط الترشح، أن يكون المتقدم يمني الجنسية، فهذه معركة تُخاض بسواعد أبناء الوطن، وأن لا يقل عمره عن أربعين عامًا، عمرٌ يُفترض أن يُثقل بالكفاءة والخبرة، وأن يحمل على كتفيه مؤهلًا جامعيًا، لأن معركة الفساد لا تُدار بالعواطف بل بالعقل والفكر، وأن يكون نظيف السجل، لم تطله شبهة فساد أو وصمة عار، إلا من عاد إليه اعتباره بحق وعدل.
لأولئك الذين يؤمنون أن الوطن يستحق الأفضل، فتح المجلس طرقًا عدة للتقديم، عبر الرابط الإلكتروني المخصص، أو عبر البريد الإلكتروني لمن تعذر عليه ذلك، بل وحتى عبر رسالة على تطبيق واتساب… سهولة الوصول تعكس رغبة حقيقية في إشراك الجميع.
هذه الخطوة ليست إجراءً إداريًا عابرًا، بل هي عنوان لمرحلة جديدة، مرحلة تؤمن أن الفساد ليس قدرًا محتومًا، بل عدو يمكن هزيمته إذا تكاتف الجميع. إعلان مجلس الشورى ليس مجرد كلمات، بل هو دعوة للضمائر الحية أن تتقدم، أن تضع الوطن أولًا، وأن تُسهم في بناء مؤسسات قادرة على محاربة الفساد بكل شراسة.
في زمن الشكوك والخذلان، يُقدم مجلس الشورى على خطوة شجاعة، وكأنما يقول، نحن هنا، نفتح الأبواب لا لمجرد التغيير، بل لنصنع الفرق، وما بين السطور، تلوح رسالة واضحة، هذا وطنكم، وهذه فرصتكم.
مجلس الشورى يدعو الكفاءات الوطنية من كل أطياف المجتمع أن يكونوا جزءًا من هذه المعركة النبيلة، فالوطن يحتاج لمن يقف على أسوار النزاهة، لا لمن يكتفي بالمشاهدة من بعيد.