تعد رحلة السفر من وإلى جزيرة سقطرى اليمنية الواقعة في المحيط الهندي والخاضعة لسيطرة المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً، واحدة من الأزمات التي يتجرع ويلاتها أبناء الأرخبيل بشكل مستمر، دون وجود أي حلول لإنهاء معاناتهم، في ظل غياب تام لدور الحكومة تجاه مواطنيها.
معاناة أبناء سقطرى مع السفر ليست وليدة اللحظة، إلا أنها مستمرة منذ سنوات، وتضاعفت منذ اندلاع الحرب في البلاد نتيجة انقلاب مليشيا الحوثي 2014، وتوقف الرحلات الجوية المنتظمة من وإلى الأرخبيل.
لدى سقطرى منفذين جوي وبحري فقط، للسفر من وإلى الجزيرة، المنفذ البحري، يتم السفر عبره إما نحو حضرموت أو نحو المهرة، وهنا يتعرض المسافرون بشكل متواصل لحوادث غرق ومخاطر كثيرة أثناء تنقلهم، أما المنفذ الجوي، لا يوجد عبره سوى رحلة واحدة لطيران اليمنية كل أسبوع، تنطلق من مطار عدن مرورا بمطار الريان بحضرموت، ثم سقطرى.
معاناة متواصلة
أزمة السفر إلى سقطرى قديمة منذ عقود، لكنها تفاقمت بعد الحرب التي شهدتها البلاد، الناتجة عن انقلاب مليشيا الحوثي عام 2014، في ظل غياب لدور الحكومة الشرعية، وعدم تدخل سلطة الأمر الواقع المُسخّرة لخدمة أبو ظبي.
ووفقا لوكيل محافظة سقطرى عيسى بن مسلم، فإن أبناء سقطرى يعانون من التنقل من وإلى الجزيرة من قبل الوحدة وبعدها، مشيرا إلى أنها كانت تنفك أشهر قليلة وتعاود أشهر متعددة وهكذا.
وقال بن مسلم في حديث لـ "يمن شباب نت"، إن أسباب أزمة السفر جوا حاليا، تعود إلى اكتفاء شركة الخطوط الجوية اليمنية برحلة طيران واحدة في الأسبوع إلى الجزيرة، وارتفاع أسعار تذاكر طيران اليمنية بشكل جنوني.
وأضاف أن أسعار تذاكر الناقل الوطني "طيران اليمنية" تصل إلى أكثر من 400$ ذهابا وإيابا للفرد الواحد في الرحلة الداخلية، مشيرا إلى أن هذا الأمر ضاعف من معاناة أبناء سقطرى.
واتهم بن مسلم قيادة وإدارة وزارة النقل وشركة الخطوط الجوية اليمنية والسلطة المحلية في المحافظة بالوقوف وراء أزمة السفر ومضاعفة معاناة أبناء الأرخبيل.
وقال الوكيل بن مسلم، إن رفع المعاناة عن كاهل المواطن وتلبية أبسط احتياجاته مسؤولية أخلاقية ووطنية ودينية على الدولة تجاه شعبها.
ودعا بن مسلم مجلس القيادة ممثلا برئيس المجلس الدكتور رشاد العليمي وبقية أعضاء المجلس، ورئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد بن مبارك، إلى وضع حلول عاجلة وجذرية لإنهاء معاناة أبناء سقطرى، وتخفيض أسعار تذاكر طيران اليمنية واحتساب قيمتها بالعملة الوطنية بدلا من الدولار، وزيادة عدد رحلاتها بمعدل رحلتين أسبوعيا على الأقل.
ووفقا لمصدر محلي، فإن طيران اليمنية كان يُسيّر قبل الحرب، رحلتين منتظمتين من وإلى الجزيرة، بالإضافة إلى طيران السعيدة، قبل أن تتوقف الرحلات وتقتصر على رحلة واحدة وعليها ضغط كبير.
مخاطر السفر عبر البحر
مخاطر كثيرة يتعرض لها المواطنون أثناء سفرهم من وإلى سقطرى عبر البحر، نتيجة تنقلهم في سفن صغيرة وقوارب صيد ليست مؤهلة للسفر وتفتقر لأدنى أدوات السلامة.
وفي أحدث واقعة، كادت سفينة أن تغرق السبت الماضي، كان على متنها 30 شخصا، نتيجة تسرب المياه إليها، والتي كانت تقلهم من ميناء الشحر بحضرموت إلى جزيرة سقطرى، وتمكنت قوات خفر السواحل في سقطرى من إنقاذهم ونقلتهم عبر قوارب صغيرة إلى الجزيرة.
ووصف مصدر محلي، عملية السفر عبر البحر في قوارب وسفن صغيرة مخصصة للصيد وليس للسفر بـ"الانتحار".
وقال المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه لارتباطه بعمل مع منظمة دولية، وغير مخول بالحديث لوسائل الإعلام، إن من بين المخاطر التي يتعرض لها أبناء سقطرى أثناء السفر عبر البحر، التيه في البحر لأيام وأحيانا أسابيع نتيجة عطل المحرك أو ونفاذ الوقود أو التيه عن الممر المعتاد.
وأضاف في حديث لـ "يمن شباب نت"، أن من ضمن معاناة السفر من وإلى سقطرى، الإصابة بالأمراض، والهلع والخوف، بالإضافة إلى الإصابة بالأمراض النفسية لزيادة عدد ساعات السفر تصل إلى أكثر من 35 ساعة وأحيانا تزيد على 45ساعة، بل قد تصل إلى أكثر من يومين وثلاث وأربعة أيام.
وأشار المصدر إلى مخاطر أخرى تواجه السفن الصغيرة، تعرضها للدهس والجرف، من قبل السفن الكبيرة وناقلات البضائع العملاقة ليلا.
وأوضح أيضا أن تقلبات البحر والتيارات القوية تؤدي إلى تغيير مسار الرحلة وتأخرها لأيام، مشيرا إلى أن حوادث كثيرة حصلت بسبب هذه التيارات وأعطال في المحرك ومشاكل كثيرة يظل أهل المسافر في قلق شديد إلى أن تصل السفينة.
وأكد أن خلال موسم الرياح الذي يبدأ في يونيو/حزيران، وينتهي في أكتوبر/ تشرين، ترتفع أمواج البحر ويستحيل فيه السفر، كذلك أوقات الشتاء يكون البحر متقلب وخاصة بين ديسمبر/ كانون الأول، ويناير/ كانون الثاني، تكون فيه التيارات البحرية شديدة والامواج مرتفعة ايضا.
ووفقا للمصدر فإن المواطنين يسافروا عبر سفن ليست مخصصة للسفر، وهي قوارب صيد سعة 12طن ينقل فيها الصيد من سقطرى إلى المكلا أو إلى المهرة، لافتا إلى أن السفر عبرها يعرضهم لمخاطر كثيرة، فهي ليست آمنه وغير مهيئة لنقل الركاب ولا يوجد بها أدوات سلامة، ولا يعرف يتعامل معها إلا الصيادين الماهرين الذين يعرفون البحر ويعتادون عليه.
وغالبا ما يكون المتنقلون بين سقطرى والبر اليمني، من غير المتنزهين وانما مرضى لتلقي العلاج أو طلاب يدرسون أو عمال يزورون أهاليهم خارج سقطرى.
ومن أجل السفر، أحيانا يبيعون أشياء من ممتلكاتهم من أجل تغطية قيمة التذاكر وما يحتاجونه للإقامة والأكل خلال فترة السفر وانقطاع الرحلات، والغاؤها المفاجئ، غالبا ما يؤدي بهم الى افتراش الأرض والذهاب الى السواحل بحثا عن قوارب الصيد التي تغادر إلى سقطرى، وفقا للمصدر نفسه.