ألغت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً القرارات الاقتصادية التي صدرت يوم 30 مايو/أيار الماضي، بشأن نقل البنوك التجارية من صنعاء إلى عدن حيث مقر الحكومة وإلغاء الطبعة القديمة من النقود المتداولة في مناطق الحوثيين، وذلك بعد اتفاق الطرفين على وقف التصعيد الاقتصادي بينهما، وهو ما اعتبره محللون اقتصاديون تراجعاً عن قرارات صدرت على عجل وانعكست على الوضع الاقتصادي والمالي اليمني.
واعتبر المحلل الاقتصادي عبد الواحد العوبلي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "القرارات الصادرة عن البنك المركزي المعترف به دولياً جاءت في إطار عقوبات أميركية على جماعة الحوثيين بعد تصنيفها منظمة إرهابية، ومن ثم فقد صدرت على عجلة وبدون دراسة التأثيرات الخطيرة على قطاع البنوك التجارية وعلى أعمالها وتعاملاتها وتحويلاتها المالية وخدماتها للعملاء".
وقال إن "القرارات كان ينبغي أن تتم بالتنسيق مع البنوك التجارية مع الأخذ بالاعتبار ملاحظاتها حول القرارات وإمكانية نقل المقارّ الرئيسية للبنوك لكن للقرارات منحى آخر من خلال تصديرها إلى الإعلام وترويجها على نحو واسع لتبدو أداة ضغط على الحوثيين لا أكثر".
وأعلن البنك المركزي اليمني المعترف به دولياً، يوم 30 مايو الماضي، عن قرارات تمثلت في إلغاء الطبعة القديمة من النقود المتداولة في مناطق الحوثيين وإيقاف التعامل مع ستة بنوك تجارية كبيرة في البلاد للمطالبة بنقل مراكزها من صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن جنوبي البلاد حيث مقر الحكومة.
وحدد البنك 30 يوماً لإلغاء التعامل بالنقود من الطبعة القديمة وإيقاف التعامل مع البنوك التجارية الستة، وعقب انتهاء مهلة البنك أعلن عن سحب تراخيص البنوك الستة وايقاف نظام التحويلات المالية الدولية سويفت عن البنوك المعاقبة.
وجاءت قرارات البنك المركزي عقب تصنيف أميركي لجماعة الحوثيين منظمة إرهابية، ولذلك برر البنك هذه القرارات بأنها تأتي في ضوء جهود محاربة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب وقال إنها تهدف إلى ضمان التزام القطاع المصرفي اليمني بالمعايير الدولية في هذا الشأن.
بدوره، قال الباحث الاقتصادي بلال أحمد لـ"العربي الجديد"، إن :" قرارات البنك المركزي في عدن في 30 مايو/أيار الماضي، بشأن نقل مقارّ البنوك من صنعاء إلى عدن، تأخرت ثماني سنوات كاملة، كان ينبغي على الحكومة الشرعية أن تقرر نقل مقارّ البنوك التجارية في سبتمبر/أيلول من عام 2016 في أعقاب قرار نقل المركز الرئيسي للبنك المركزي إلى عدن".
ويشهد اليمن حالة انقسام مالي بين الحكومة والحوثيين، حيث تمنع جماعة الحوثيين في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرتها تداول المطبوعات النقدية الجديدة التي طبعتها الحكومة خلال عامي 2017/18، وهو الإجراء الذي أنتج عملتين مختلفتين وسعر صرف مختلفاً بين مناطق الحوثيين ومناطق الحكومة.
ونهاية عام 2022 وجهت جماعة الحوثيين ضربات قاسية وضعت الحكومة الشرعية في مأزق مالي، باستهداف ميناء الضبة لتصدير النفط الخام في محافظة حضرموت، بعد فشل مشاورات اقتصادية حول تقاسم عائدات النفط الخام من مناطق الحكومة.
وتصاعدت الضغوط المالية في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، ويرجع ذلك أساساً إلى ركود صادرات النفط، وفقاً لتقرير عن البنك الدولي صدر مطلع يوليو/تموز الجاري. وأفاد التقرير بأن المالية العامة للحكومة المعترف بها دولياً شهدت تدهوراً كبيراً عام 2023، وبأن إيراداتها انخفضت بأكثر من 30%، بسبب الانخفاض الكبير في عائدات النفط، وتقلص إيرادات الجمارك نظراً لإعادة توجيه الواردات من عدن إلى الموانئ التي تقع تحت سيطرة الحوثيين.
اتفاق وقف التصعيد الاقتصادي
وأوضح بيان عن المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ الثلاثاء، أن الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين اتفقتا على تدابير عدة لخفض التصعيد المتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية والمضي في ترتيبات لإنجاز اتفاق اقتصادي.
وقال بيان المبعوث الأممي، الذي اطلعت عليه "العربي الجديد"، إن الاتفاق الجديد يتضمن إلغاء القرارات والإجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين والتوقف مستقبلاً عن أي قرارات أو إجراءات مماثلة، واستئناف طيران اليمنية للرحلات بين صنعاء والأردن وزيادة عدد رحلاتها إلى ثلاث يومياً، وتسيير رحلات إلى القاهرة والهند يومياً أو حسب الحاجة.
وأشار البيان الأممي إلى اتفاق الحكومة مع الحوثيين على عقد اجتماعات لمعالجة التحديات الإدارية والفنية والمالية التي تواجهها شركة الخطوط الجوية اليمنية، وبدء عقد اجتماعات لمناقشة كل القضايا الاقتصادية والإنسانية بناء على خريطة الطريق.