أرسل زعيم ميليشيا ليبي قوي والجيش المصري دعما عسكريا للجنرالين المتنافسين اللذين يقاتلان من أجل السيطرة على السودان المجاور، كما يقول أشخاص مطلعون على الأمر، في مثال يوضح كيف يهدد القتال في هذا البلد بجر قوى إقليمية اليه.
قال هؤلاء المطلعون إن خليفة حفتر، قائد الفصيل الذي يسيطر على شرق ليبيا، أرسل طائرة واحدة على الأقل لنقل الإمدادات العسكرية لقوات الدعم السريع شبه العسكرية السودانية، وأضافوا أن مصر أرسلت في الوقت نفسه طائرات حربية وطيارين لدعم الجيش السوداني.
ويزيد تورط قوى خارجية من خطر حدوث تصعيد خطير في القتال يمكن أن يوسع الصراع، ويقوض جهود الولايات المتحدة والأمم المتحدة وغيرهما للتوسط في وقف إطلاق النار.
لطالما كان موقع السودان الاستراتيجي على البحر الأحمر، وإمكانية وصوله إلى نهر النيل واحتياطياته الهائلة من الذهب، مطمعاً لقوى خارجية منذ فترة طويلة.
منذ الإطاحة بالديكتاتور السوداني منذ فترة طويلة عمر البشير في عام 2019، استخدم الجنرالان المتحاربان هذه الأصول لبناء تحالفات مع القوى الإقليمية والعالمية التي لها مصلحة في نتيجة معركتهم من أجل التفوق العسكري والسياسي في السودان.
واصل الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، الزعيم الفعلي للبلاد، الأربعاء قصف مواقع قوات الدعم السريع، الميليشيا التي ترعاها الدولة بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو.
وأدت الضربات الجوية، إلى جانب معارك الشوارع المكثفة بين الفصيلين المتناحرين، إلى إلقاء الخرطوم عاصمة السودان، وهي مدينة تقع على نهر النيل في حالة من الفوضى.
ولخليفة حفتر، قائد فصيل يسيطر على شرق ليبيا، علاقات سابقة مع الميليشيات السودانية بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن 296 شخصا على الأقل قتلوا وأصيب أكثر من 3000 منذ بدء القتال يوم السبت ولا يزال الملايين محاصرين في منازلهم بسبب تناقص إمدادات المياه والغذاء، والمستشفيات غير قادرة على علاج الجرحى.
في الوقت الذي تصاعد فيه الضغط الدولي في الأشهر الأخيرة بالنسبة للجنراليين البرهان وداقلو لتسليم السلطة إلى حكومة مدنية، تنازع الجنرالان بشأن دمج قوات الدعم السريع في الجيش النظامي وملكية مساحات من الاقتصاد السوداني يسيطر عليها الفصيلان، وهما يخوضان الآن صراعا قاتلا من أجل التفوق السياسي والعسكري على بلد يزيد عدد سكانه عن 45 مليون نسمة.
وقال الأشخاص المطلعون على الأمر إن حفتر، المدعوم من روسيا والإمارات العربية المتحدة، أرسل شحنة واحدة على الأقل من الذخيرة يوم الاثنين من ليبيا إلى السودان لتجديد الإمدادات للجنرال دقلو.
وقال الجيش السوداني الإثنين، إن الجنرال دقلو يحشد قوة كبيرة في قاعدة جوية شمالية "لتأمين هبوط طائرة مساعدات عسكرية من جهات إقليمية".
لقد ساعد الجنرال دقلو والسيد حفتر بعضهما البعض من قبل، فقد أرسل القائد السوداني مقاتلين لمساعدة زعيم الميليشيا الليبية حيث شن السيد حفتر محاولة فاشلة للاستيلاء على العاصمة الليبية طرابلس من الحكومة المعترف بها دوليًا في عام 2019.
كلا الرجلين تحالفا مع الإمارات، التي ساعدت السيد حفتر عسكريًا لمحاربة خصومه السياسيين واستأجرت رجال الجنرال دقلو للقتال في اليمن، كما عمل الاثنان مع فاجنر المقاول العسكري الخاص المدعوم من الكرملين حيثُ يستضيف حفتر القوات شبه العسكرية الروسية في قواعده في ليبيا، وأقام الجنرال دقلو شراكات مربحة في تعدين الذهب مع المجموعة التي يرأسها يفغيني بريغوزين، رجل الأعمال الروسي والمساعد المقرب للرئيس فلاديمير بوتين.
لم يكن هناك ما يشير على الفور إلى أن تدخل السيد حفتر في السودان كان مدعومًا من روسيا أو الإمارات، ولم يرد المتحدثون باسم الجنرال برهان والسيد حفتر ووزارتي الخارجية المصرية والإماراتية على طلبات التعليق، ولم يتمكن مسؤول العلاقات العامة للجنرال دقلو من التعليق على الفور.
مصر، التي دعت رسميًا إلى إنهاء القتال، أرسلت طائرات مقاتلة قبل بدء القتال مباشرة وطيارين إضافيين بعد فترة وجيزة لدعم الجنرال البرهان، على حد قول المصادر، وقال مسؤول بالجيش السوداني إن مقاتلة مصرية دمرت مستودعا للذخيرة يسيطر عليه الجنرال دقلو بعد ظهر يوم الاثنين.
ويقول كاميرون هدسون، رئيس الأركان السابق للمبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان الذي يتولى الان منصب زميل اول في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره واشنطن "إذا كنت جارًا تنظر إلى العنف وتواجه خطر استيلاء أحد أمراء الحرب، فمن المنطقي من منظور مصري أن تنخرط فيها".
خلال عطلة نهاية الأسبوع، اعتقل رجال الجنرال دقلو القوات المصرية التي تم نشرها في قاعدة سودانية، للاشتباه في أنها يمكن أن تتدخل لدعم الجنرال البرهان.
وقال هؤلاء الأشخاص إنهم نقلوا العسكريين المصريين فيما بعد إلى الخرطوم، حيث قصفت القوات الجوية السودانية مواقع قوات الدعم السريع، وأشاروا إلى أن الجنود المصريين المعتقلين كان بينهم ضباط في المخابرات العسكرية، كما تم الاستيلاء على الطائرات المصرية الموجودة بالفعل في المنشأة والتي تضررت بشدة.
ولطالما دعمت القاهرة الجنرال البرهان، الحليف الرئيسي لمصر في نزاعها مع إثيوبيا، التي تعمل على توسيع سد عملاق تقول حكومة السيسي إنه يهدد بقطع المياه التي تصب في النيل.
ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في وقت سابق أن الانقلاب الذي قاده الجنرال البرهان، والذي أوقف التحول الديمقراطي في السودان في أكتوبر 2021، حصل على الضوء الأخضر من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وقال وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكين الثلاثاء إنه تحدث مع الجنرالين، وطالب من دقلو والبرهان بوقف إطلاق النار الفوري للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية.