يعود ملف جيفري إبستين ليطفو مجددًا على سطح المشهد الأمريكي والعالمي كلما ظهرت وثائق جديدة أو تسريبات، في واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل والشكوك خلال العقدين الأخيرين.
القضية التي تبدو للوهلة الأولى جريمة اتجار بالبشر واستغلال قاصرات، تحولت سريعًا إلى ملف سياسي وأمني معقّد، تتقاطع فيه أسماء رؤساء ورجال أعمال ومشاهير ومدراء بنوك واستخبارات، إلى درجة أن كثيرين في أمريكا يصفونه بأنه “اللغز الذي لا يريد أحد كشفه كاملًا”.
من هو جيفري إبستين؟
إبستين رجل أعمال ومالي أمريكي، كوّن ثروة ضخمة من إدارة أموال نخبة المجتمع الأمريكي. اشتهر بعلاقاته الواسعة مع سياسيين ورؤساء مثل:
- بيل كلينتون
- دونالد ترامب
- الأمير أندرو من العائلة الملكية البريطانية
- شخصيات نافذة في عالم المال والتكنولوجيا
هذه العلاقات القوية هي ما جعلت سقوطه مدويًا، ومماته أكثر إثارة للشكوك.
قلب القضية: استغلال قاصرات وشبكة اتجار بالبشر
بدأ الملف يتكشف في منتصف العقد الأول من الألفية، عندما ظهرت شهادات لفتايا اتهمن إبستين بجلبهن إلى ما يعرف بـ “الجزيرة الخاصة” الواقعة في البحر الكاريبي، حيث كانت تجري عمليات الاستغلال والاستدراج تحت غطاء “وظائف” أو “دروس مساج”.
وتشير إفادات عديدة إلى:
- نقل فتيات قاصرات إلى منازل إبستين في فلوريدا ونيويورك
- الاستفادة من شبكة نساء ساعدن في الاستدراج
- تورط شخصيات رفيعة في الحفلات والأنشطة المشبوهة
الوثائق السرية: لماذا تصنع الضجة؟
ما يُعطي الملف خطورته هو كمية الوثائق التي جمعتها التحقيقات، وتشمل:
- دفاتر رحلات الطائرة الخاصة لإبستين
- سجلات زوار “الجزيرة الخاصة”
- رسائل إلكترونية ومحادثات
- شهادات تحت القسم لضحايا وموظفين
ومع كل دفعة وثائق تُفرج عنها المحاكم، تتوسع الدائرة لتشمل أسماء جديدة، بعضها لا يزال في مواقع السلطة.
موت إبستين… القصة التي لم تُحسم
اعتُقل إبستين عام 2019 في نيويورك، وبعد أسابيع عُثر عليه ميتًا في زنزانته. أعلنت السلطات أنه انتحار، غير أن:
- كاميرات السجن تعطلت في تلك الليلة
- الحارسان ناما ولم يقوما بالمراقبة
- جسده ظهرت عليه علامات قال خبراء إنها “أقرب للخنق”
كل هذا فتح الباب أمام نظريات تقول إن “جهة ما” أرادت إسكات الرجل قبل أن يبدأ بالاعتراف.
شريكة إبستين: غيلين ماكسويل
ألقي القبض على شريكته غيلين ماكسويل عام 2020 وتُعد الصندوق الأسود للقضية. وقد أدينت بتجنيد الفتيات وتسهيل عمليات الاستغلال. لكنها رفضت حتى اليوم الكشف عن أسماء “الزبائن” أو المتورطين، ما يزيد الغموض حول ما يعرفه الملف.
لماذا يعود الملف اليوم؟
الملف يعود كلما:
- كُشف جزء من الوثائق السرية أمام القضاء
- أدلت إحدى الضحايا بشهادة جديدة
- ظهرت تقارير صحفية عن تورط شخصيات بارزة
- دار جدل سياسي حول مسؤولية جهات عليا في حماية إبستين سابقًا
وتعتبر وسائل الإعلام الأمريكية القضية “قنبلة سياسية” قد تهز مؤسسات كبرى إذا كُشف كل شيء.
ملف إبستين ليس مجرد قضية جنائية، بل شبكة ممتدة من النفوذ والمال والسياسة. ومادامت الوثائق تُنشر بالتقسيط، سيبقى الملف حاضرًا في دائرة الضوء، ويظل السؤال الكبير يتردد: من كان يخشى أن يتحدث إبستين؟.
