اتهم وزير الخارجية اليمني، الدكتور شائع محسن الزنداني، إيران بالوقوف خلف تعنّت جماعة الحوثي وسعيها لإطالة أمد الحرب في اليمن، وتعطيل مساعي السلام التي يبذلها المجتمع الدولي، مؤكداً أن عملية السلام تمرّ بحالة “جمود شبه كامل” نتيجة ضغوط طهران على الجماعة لرفض أي حلول سلمية.
وقال الزنداني، في حوار مع صحيفة الشرق الأوسط، إن هناك تحركات داخل مجلس الأمن لمناقشة إصدار قرارات جديدة بشأن اليمن، في ظل قناعة بعض الأطراف الدولية بأن القرار 2216 لم يعد قابلاً للتطبيق كما هو، مشيراً إلى أن أية قرارات محتملة ستكون مكملة له وتركّز على اتخاذ تدابير موحدة ضد الحوثيين.
وفي الشأن الاقتصادي، ربط الوزير التحسن الأخير في سعر صرف العملة اليمنية بحالة من الانسجام المؤسسي، والإجراءات الصارمة التي اتخذها البنك المركزي للحد من المضاربة، مشيراً إلى أن معالجات إضافية ستُتخذ قريباً لتعزيز الاستقرار المالي والنقدي في البلاد.
■ عملية السلام: جمود وتعطيل إيراني
وفي معرض حديثه عن مسار السلام، قال الزنداني إن جماعة الحوثي لا تُبدي أي رغبة جادة في إنهاء الحرب، رغم تجاوب الحكومة اليمنية مع كل المبادرات والجهود المطروحة من قبل المجتمعين العربي والدولي.
وأضاف أن “الميليشيات تعيش على الحرب، وتُسخّر معاناة الناس لخدمة أجندتها”، محملاً إيران مسؤولية رئيسية في استمرار الصراع، قائلاً: “الدور الإيراني كبير جداً في دفع الحوثيين لرفض السلام، وتوجيههم نحو الفوضى وعرقلة جهود المبعوث الأممي”.
وأوضح أن محاولات التشويش على المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، ومحاولة اغتياله، تُعبّر عن رغبة لدى أطراف داخلية وخارجية في تعطيل مهمته، مؤكداً أن الحكومة تنظر إلى دور المبعوث كجزء من الشرعية الدولية التي تتمسك بها.
■ قرارات أممية جديدة مرتقبة
وفي ما يتصل بالتحركات الأممية، أكد الزنداني وجود نقاشات تقودها واشنطن ولندن داخل مجلس الأمن لإصدار قرارات جديدة بشأن اليمن، مشيراً إلى أن “القرارات الأممية لا تُعدّل عادةً، لكن يمكن إصدار قرارات مكمّلة”، وأن الحكومة “منفتحة على كل المبادرات التي تسعى لإنهاء الحرب وفق مرجعيات الشرعية الدولية”.
وأضاف: “نتوقع أن تركّز القرارات الجديدة على اتخاذ إجراءات عملية وموحدة ضد الحوثيين، خاصة أنهم لم يلتزموا بأي من قرارات مجلس الأمن السابقة”، مشدداً على أن الجماعة “لا تؤمن بالسلام ولا تمتلك مشروعاً سياسياً، بل هي حركة مغلقة ذات طابع طائفي”.
■ الإصلاحات في وزارة الخارجية
وعن جهود إصلاح وزارة الخارجية، أشار الزنداني إلى بدء نقل ديوان الوزارة إلى العاصمة المؤقتة عدن، حيث يعمل حالياً أكثر من 200 موظف، مؤكداً أن هذه الخطوة “تعزز من حضور الدولة وتُعيد الاعتبار للمؤسسات”.
وكشف عن تقليص عدد العاملين في السلك الدبلوماسي بنسبة 25 إلى 30 في المائة خلال عام، واستدعاء نحو 160 دبلوماسياً ممن تجاوزت خدمتهم 10 سنوات، ما وفر قرابة 6 ملايين دولار سنوياً.
■ حضور خارجي متزايد وعدد السفراء يتجاوز 70
قال الزنداني إن عدد السفراء المعتمدين لدى الحكومة اليمنية تجاوز 70 سفيراً، في مؤشر على تنامي الحضور الدبلوماسي الدولي في عدن، مشيراً إلى أن روسيا بدأت إجراءات إعادة فتح سفارتها، فيما أبلغت دول أخرى نيتها فعل الشيء ذاته، بينها الهند.
كما تحدث عن جهود حثيثة لتهيئة الظروف الملائمة لفتح مكاتب رئيسية للمنظمات الدولية في عدن، بعد أن كانت تزاول نشاطها من صنعاء.
■ الملف الاقتصادي: انسجام مؤسسي ينعكس على سعر الصرف
وفي الجانب الاقتصادي، أوضح الوزير أن تحسن العملة لم يأتِ من فراغ، رغم غياب المنح والودائع الجديدة، بل نتيجة انسجام مؤسسات الدولة، والإجراءات الحازمة التي اتخذها البنك المركزي في مواجهة المضاربة، ومنها ضبط الصرافات التي تتلاعب بأسعار الصرف، ومراقبة السوق من تدخلات الحوثيين.
وقال إن العملة كانت تتعرّض لضغوط من مضاربات حوثية ممنهجة، مع تكليف وكلاء لشراء الدولار من السوق، مؤكداً أن الحكومة والبنك المركزي يعملان بتناغم واتخذوا خطوات انعكست على قيمة الريال، لكن “المعالجات لن تتوقف هنا، بل ستتواصل في مسارات متعددة”.
■ خروقات الحوثيين لاتفاق البنك المركزي
شدّد الزنداني على أن الحكومة وحدها هي المخوّلة بالإشراف على مؤسسات الدولة السيادية، ومنها البنك المركزي، معتبراً أن الحوثيين “لا يملكون أي صفة قانونية أو دستورية”، موضحاً أن الجماعة طَبعت عملة محلية بشكل غير قانوني، وأن الحكومة ستخاطب الدول التي يتم فيها هذا التزوير المالي.
كما كشف عن مؤشرات بحوزة الحكومة تشير إلى مواقع طباعة العملة، مؤكداً على اتخاذ خطوات دبلوماسية لوقف هذه الأنشطة، ومعتبراً أن استمرار هذه الخروقات يُهدد الاقتصاد الوطني بشكل مباشر.
■ ضبط شحنات أسلحة والعلاقات مع الصين
وحول ضبط شحنات أسلحة وطائرات مسيّرة مؤخراً، أكد الزنداني أن بلاده تتحرك دبلوماسياً فور حصولها على معلومات موثوقة بشأن الدول المتورطة في التهريب، موضحاً أن الحكومة لن تقف مكتوفة الأيدي في حال تأكدت من مصادر تلك الأسلحة.
وفي ما يتعلق بشحنة الطائرات المسيّرة التي تم ضبطها في ميناء عدن، وكانت قادمة من الصين ضمن شحنة تجارية، شدّد على متانة العلاقات مع بكين، قائلاً إن الحكومة اليمنية أبلغت القائم بالأعمال الصيني، وتُجري تحقيقاً شاملاً لتتبع مصدر الشحنة.
■ إيران والسلاح المهرب
انتقد وزير الخارجية اليمني موقف المجتمع الدولي تجاه عمليات تهريب الأسلحة من إيران إلى الحوثيين، وقال إن “قرارات مجلس الأمن واضحة منذ عام 2016، لكن لم يُتخذ أي إجراء فعلي لتنفيذها”، مشيراً إلى أن الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة وحتى الصواريخ الفرط صوتية وصلت للحوثيين، وسط تهاون دولي مثير للريبة.
وقال إن “إيران لن تستفيد من استمرار هذا النهج، وعليها أن تتجه لعلاقات حسن الجوار بدلاً من التدخل في شؤون اليمن والمنطقة”، مؤكداً أن دعمها للحوثيين لا يخدم مصالحها، بل يزيد من عزلتها الإقليمية والدولية.
عن صحيفة الشرق الأوسط