دعت منظمة سام للحقوق والحريات، اليوم الثلاثاء، وزارة الداخلية اليمنية والسلطات الأمنية في محافظة حضرموت (شرق اليمن) للشروع فوراً بإجراء تحقيق سريع وشامل، لكشف ملابسات وفاة مواطن وابنه في سجون المحافظة.
وطالبت المنظمة في بيان لها ـ أطلع عليه يمن شباب نت ـ الجهات الأمنية اليمنية، بوقف كافة المشتبه بهم في مقتل المواطن (كامل علي طالب ـ 54 عاما)، وابنه (عبد الله ـ 26 عاما)، اللذان كُشف عن وفاتهما بعد نحو سنة وتسعة أشهر من اعتقالهم تعسفياً وإخفاءهم قسراً من قبل مدير أمن الوادي والصحراء "عبد الله سالمين بن حبيش الصيعري".
وأوضحت أنها تحصلت على معلومات من أقارب الضحايا، تفيد أنه "بتاريخ 20 يوليو 2022، داهمت قوة كبيرة تابعة لمدير أمن الوادي والصحراء (عبدالله بن حبيش) المنطقة التي يقع فيها منزل الضحية (كامل علي محمد بن طالب الكثيري)، وقامت بإطلاق النار من طرف واحد، وروعّت أهل المنطقة قبل اقتحام المنزل، وإطلاق النار داخله، دون مراعاة لحرمة السكن والأطفال والنساء، واعتقلت كامل و ابنه القاصر وآخرين وجميع من في المنزل، وبعد ساعة أطلقت سراح الجميع عدا (كامل وابنه القاصر) الذين تم اقتيادهم لإدارة الأمن، بحجة انهم سوف يأخذون أقوالهم".
وأضافت نقلاً عن أحد أقارب الضحايا القول: "خلال سنة وتسعة أشهر أخفي مكان اعتقال كامل طالب الكثيري وولده، ومنع أهلهم من الاتصال بهم والاطمئنان على صحتهم، حتى وصلهم خبر قبل شهرين من أحد العاملين في إدارة الأمن نفسها، أكد لنا بأن (كامل وابنه عبد الله) قُتلوا عصر يوم الاعتقال أي قبل سنة و9 أشهر من تاريخ اليوم".
وذكرت "سام"، أنها تتبعت أسباب الاختطاف الذي تعرض له الضحية " كامل بن طالب الكثيري" وولده عبدالله "، فأفاد لها أحد أبناء القبيلة "بأن تلك القوات ادعت بأن هناك قضية اختطاف ابن أحد التجار، لكن بعد فترة تبين زيف هذا الادعاء، حيث انتهت هذه القضية رسميًا، وقد سبق أن تم تقديمه للعدالة، وصدر حكما ببراءته، وحرصت قبيلته على الاستجابة لهم، ودائمًا ما كان يقول من له حق عندي سواء كان مواطنا أو دولة أنا مستعد لإيفاء ذلك الحق".
من جهتها قالت أحد أقارب الضحية "طالبنا النيابة بتشريح الجثة عبر طبيب التشريح، وقد ذهبنا مع النيابة العامة لمشاهدة الجثة، للأسف صدمنا جميعاً عندما شاهدنا الجثتين حيث كانتا بحالة سيئة جدا، لم نستطع التعرف عليهم من شدة سوء حالة الجثث التي أصبحت سوداء ومتحللة وملتصقة بثيابها مع البطانية التي كانوا محاطين بها، الملامح مختفية تماما، ويظهر على الجثث سوء التعامل معها وعلامات تهشيم الوجه. بعد عام ونصف، لن تجد إلا جثث شبيهة بـ المحنطة، لأن السوائل تبخرت واصبحت الجثث مثل المومياء، مروع جدا".
وأفاد أحد المطلعين على القضية لسام بأن "الجثتين تم إحضارها الى مستشفى سيئون المركزي، أيام محافظ حضرموت السابق، عضو مجلس الرئاسة الحالي فرج البحسني، من قبل الأمن العام بالمحافظة، وسط تكتم شديد، وتحذير القائم على الثلاجة من التحدث في الموضوع أو الإدلاء بأي تصريح لأي جهة كانت، تم إدخالهم من قبل رجال الأمن القومي رفقة قائد الأمن العام " حسب المنظمة.
وأضاف المصدر "أن الجثة تعرضت للضرب والسحل وعليها آثار ذلك. ولأن الأب والابن من قبيلة لها ثقلها وكونهم لهم سند قبلي قوي لم يتم التخلص منهما، أما لو كانا من طبقات أخرى كان سيكون من السهل التخلص منهما"
وأشارت "سام" نقلاً عن أحد أقارب الضحايا إلى محاولات من مدير الأمن بالتملص من المسؤولية من خلال محاولة التبرير لأقارب الضحايا شفهيا، أنه بعدما اعتقل الضحايا تعسفاً، أتى إليه مدير الأمن القومي، في وادي حضرموت المدعو "فيصل باجري" وأخذهما الى معتقل الريان بالمكلا، وتمت تصفيتهم في الريان.
ونوهت "سام" إلى أنها أرسلت عدداً من الأسئلة، ورسالة رسمية موحدة إلى كل من مدير مكتب وزير الداخلية، مدير أمن الصحراء والوادي حول ملابسات القضية وخلفياتها والسند القانوني الذي استند إليه، في الاعتقال التعسفي، ولماذا تم الاخفاء القسري لجثتي الضحايا طوال هذه المدة، ولم تتلق أي رد رسمي من الجهتين، سوى رد مقتضب من مدير الامن عبر الواتس بتاريخ ١٤ ابريل ٢٠٢٤ ما نصه (القضية عند وزير الداخلية ونخاطب جهات رسمية، واي استفسار سيكون عبر القضاء ونرد عليه بطريقه رسمية).
وقالت المنظمة إنها اطلعت على شكوى تقدم بها ابن المواطن "كامل طالب" وشقيق الضحية إلى نيابة استئناف سيئون، ذكر فيها تفاصيل الواقعة والمخالفات القانونية التي قام بها المدعو "عبد الله الصيعري"، ومماطلته لأهالي الضحايا، وخلق الأعذار بعدم وجوده، كما تضمنت الشكوى اتهام العائلة لمدير الأمن سابق الذكر بجرائم الاختطاف خارج القانون والاخفاء القسري والقتل العمد.
كما اطلعت "سام" على مراسلات صادرة عن وكيل نيابة سيئون الابتدائية إلى نيابة استئناف سيئون، يطالب فيها باستدعاء طبيب شرعي لتشريح الجثث، ورفع تقرير خاص حول زمن وأسباب الوفاة، غير أنها ترى "بأن تحركات النيابة العامة وتعامل جهات القانون مع قضية اختطاف المواطن "كامل" وابنه القاصر جاءت متأخرة لا سيما مع الشهادات التي أكدتها عائلتهما بأن الجثث أصبحت متحللة بشكل لا يمكن معرفة كل التفاصيل المرتبطة بقضية الاختطاف والقتل، وهذا يستوجب اتخاذ إجراءات عاجلة مدعومة من السلطات الأمنية والقضائية العليا، لتقديم كافة الدعم اللوجستي للتحقيق، وإزالة كافة العوائق التي تعيق التحقيق، لضمان إنصاف الضحايا وتقديم المتورطين للمحاكمة".
وأكدت أن استقبال الجثتين من قبل المستشفى المركزي في سيئون دون إبلاغ الجهات المختصة، واخفاءها في ثلاجة المستشفى حتى هذه اللحظة جريمة، تثير الشكوك حول وجود جريمة منظمة، يشترك فيها عدداً من الأطراف، وتستخدم نفوذها في إخفائها، ما يتوجب فتح تحقيق جدي وكشف ملابسات ودوافع الجريمة ومن يقف وراءها.
واعتبرت المنظمة ما قامت به الأجهزة الأمنية في وادي وصحراء حضرموت بقيادة المدير العام من ممارسات بحق الضحايا، "جرائم مخالفة لقانون العقوبات والإجراءات الجزائية اليمني لا سيما عمليات الاختطاف خارج إطار القانون والإخفاء القسري، والقتل المتعمد، إلى جانب الاعتداء على حرمة المنازل وترويع الآمنين والاعتداء على النساء، حيث تمت كل تلك المخالفات دون أي مذكرات قانونية أو أوامر قضائية".
وأوضحت أن الاحتجاز التعسفي والاخفاء القسري والتعذيب، انتشر منذ سنوات خلال الحرب اليمنية، من قبل جميع الأطراف، وفي محافظة حضرموت على يد قوات الأمن والجيش، بإشراف من قوات التحالف العربي "دولة الإمارات العربية المتحدة"، مشيرة إلى تقاريرها حول العديد من السجون التي يمارس فيها التعذيب مثل سجن مطار الريان، وسجن الطين "سجن سيئون المركزي" وإلى ما وثقه فريق الخبراء البارزين، وعدد من المنظمات الحقوقية المحلية والدولية من حالات الإخفاء القسري والتعذيب في السنوات الماضية والقتل تحت التعذيب.
ودعت المنظمة في ختام بيانها الحكومة اليمنية لاتخاذ خطوات سريعة وفاعلة في قضية اختطاف وقتل المواطنان " كامل علي طالب"، وابنه القاصر" عبد الله كامل طالب"، والتحفظ على كل من ثبت تورطه في واقعتي الإخفاء القسري والتعذيب الذي أفضى إلى موت الضحايا، تمهيدًا لتقديمهم للمحاكمة العادلة نظير الجرائم الخطيرة والمروعة، كما تدعو إلى فتح تحقيق شامل في وقائع التعذيب والإخفاء القسري المسجلة خلال السنوات الماضية.