يقبع تمثال برونزي لأهم آلهة مملكة سبأ، التي قامت فيما أصبح الآن محافظة مأرب اليمنية، في غرفة محصنة مظلمة بالمتحف الوطني في صنعاء.
هذا التمثال صنعه رجل يدعى هوثر عثت في النصف الأول من القرن السادس قبل الميلاد، وامتلك من الحظ ما يكفي للنجاة من الحرب الدائرة في الوقت الراهن في اليمن على النقيض من العديد من القطع الأثرية الأخرى.
وصمد متحف صنعاء بمعجزة ما خلال سنوات القصف الذي نفذته السعودية والإمارات في حربهما على جماعة الحوثي. وقال إبراهيم الهادي مدير المتحف «استهدفوا المنشآت القريبة مثل القيادة والشرطة الراجلة، اتأثر المتحف مما أدى إلى بعض الإصابات في بعض الفترينات وتشققات في المبنى نفسه». ونُقلت معظم مقتنيات المتحف إلى غرف آمنة به عندما تدخل التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن في 2015.
وتم تخزين مجموعات من السيوف والبنادق والخوذات العربية، بعضها مطعم بالذهب، في صناديق مغطاة. وبعدما خضع تمثالان برونزيان لأسدين من مملكة قتبان الوثنية للترميم في متحف اللوفر في 2008 أصبح مصيرهما البقاء في غرفة مظلمة.
وقال عبد الله إسحاق، الخبير في المتحف «المخزن هذا يعتبر نموذج لبقية المخازن الموجودة. وتم ترتيب هذا المخزن بطريقة علمية حديثة، عالمية يعني». لكن متاحف اليمن، ذات المحتوى الأكثر ثراء في شبه الجزيرة العربية، تقف شاهدة على وطأة الحرب على التراث الثقافي للبلد، والتي تطغى عليها عادة الخسائر البشرية بين المدنيين والوضع الإنساني المتردي.
وفي مدينة تعز المتنازع عليها اجتمعت العوامل الطبيعية مع الصراع لتحيل مبنى المتحف الوطني التاريخي خرابا، إذ تفحمت مخطوطات واحترقت الأرفف وتناثر الزجاج المهشم داخل المبنى. ونمت أشجار الأكاسيا ضاربة بجذورها في الأرض وساهمت في تهدم الجدران.
وقال رمزي الدميني مدير المتحف «ما تعرض له المتحف الوطني خلال السنوات الست الماضية من تدمير وقصف تسبب في تهدم أجزاء من مباني المتحف الوطني… هذه المتاحف تعرضت للنهب، تعرضت للسرقة وأجزاء من مخازنها تعرضت للحرق». وبدأت الهيئة العامة للآثار والمتاحف في اليمن التعاون مع صندوق التراث العالمي لترميم أجزاء من هذه المباني.
لكن المتحف فقد بالفعل نحو 70 في المئة من مقتنياته، رغم استعادة بعض القطع المسروقة من الأسواق المحلية واسترداد بعض القطع الأخرى التي أعادها متطوعون. وقال أحمد جسار المدير العام للآثار في تعز «لا نخفي أنه يتم تهريب بعض القطع الأثرية إلى خارج المحافظة وإلى خارج اليمن، لكن لن يكون إخراجها بالأمر اليسير وإنما سيكون عبر أطراف لهم نفوذ كبير جدا ولهم علاقات دولية مع دول تستفيد من تلك المتاجرة بالقطع الأثرية».