الحوثيون في ذكرى سبتمبر: هستيريا قمع واعتقالات وسط انهيار معيشي خانق

تقارير

 

تعيش ميليشيا الحوثي حالة من الهستيريا قبيل حلول ذكرى ثورة 26 سبتمبر، إذ صعّدت خلال الأيام الماضية من حملات القمع والاختطافات بحق المواطنين، لمجرد الاشتباه باحتفالهم أو تعبيرهم عن مواقفهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

فقد اعتُقل العشرات خلال الساعات الماضية بسبب منشورات، فيما اختفى مساء أمس الإثنين الشاعر والكاتب الساخر أوراس الإرياني بعد خروجه من منزله في صنعاء لشراء بعض الحاجيات.

وأكدت زوجته أن هاتفه أُغلق فور اختفائه، قبل أن تختفي صفحته على "فيسبوك" التي نشر فيها سخرية لاذعة بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لسيطرة الحوثيين على صنعاء في 21 سبتمبر 2014. وكان آخر ما كتبه أوراس: "في مثل هذا اليوم دخل اليمني يده في جيبه فوجد يداتهم"، في إشارة إلى السطو والجبايات التي تفرضها الجماعة.

ويعاني الكاتب من أمراض مزمنة بينها السكري، ما يفاقم المخاوف على حياته، ودفع ناشطين وكتّابا للمطالبة بالإفراج الفوري عنه.

وفي السياق، أفادت مصادر حقوقية باختطاف الناشط على وسائل التواصل الاجتماعي ماجد زايد أثناء وجوده في عيادة بانتظار دوره للعلاج.

وأكدت المصادر أن حملة الاختطافات طالت مواطنين آخرين، غير أن عائلاتهم تتجنب النشر خشية تعرضها للانتقام.

الحملة القمعية تأتي بالتزامن مع قرب الذكرى الـ63 لثورة سبتمبر المجيدة وإعلان الجمهورية عام 1962، حيث تحشد الجماعة سنويًا لمنع أي مظاهر احتفال شعبي، ليس فقط في الشوارع بل حتى على منصات التواصل الاجتماعي.

وتبرر الميليشيا هذه الممارسات بوجود "مخططات معادية" تستهدفها، وفق بيان أصدرته وزارة داخليتها غير المعترف بها، التي أعلنت منع أي أنشطة أو فعاليات خارج "الإطار الرسمي"، في تكرار لخطاب التخوين وربط اليمنيين بالأعداء الخارجيين.

وتعيد هذه الممارسات للأذهان ما حدث العام الماضي حين انتشرت عناصر حوثية بلباس مدني وهراوات في شوارع صنعاء لقمع أي مظاهر احتفاء بذكرى الثورة، في مشهد وصفه ناشطون بأنه "إعادة إنتاج لنظام الإمامة بوجه أشد قبحا".

 

طمس للهوية الجمهورية وسط أزمات إنسانية خانقة

منذ سيطرتها على صنعاء في 2014، عمدت ميليشيا الحوثي إلى استهداف الرموز الجمهورية والسعي لطمس هوية الثورة اليمنية، مقابل فرض فعاليات طائفية ذات طابع مذهبي. هذا النهج أثار غضبًا واسعًا بين اليمنيين الذين يعتبرون أنفسهم امتدادًا لثوار سبتمبر ضد الكهنوت والإمامة.

وفي ظل هذا القمع، يرزح السكان بمناطق سيطرة الحوثيين تحت أوضاع معيشية مأساوية، إذ تتفاقم الأزمة الإنسانية بشكل غير مسبوق.

ووفق تقرير حديث لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، يواجه نحو 18.1 مليون يمني مستويات حادة من الجوع، فيما قد ينزلق ما لا يقل عن 166 مديرية إلى مرحلة الطوارئ (المرحلة الرابعة) هذا الشهر.

كما يُتوقع أن يواجه نحو 41 ألف شخص ظروفًا كارثية شبيهة بالمجاعة، وهي المرحلة الخامسة والأخطر في سلم التصنيف الغذائي.

هذه الأرقام الصادمة تكشف هشاشة الوضع الإنساني في بلد يتصدر قائمة الأزمات العالمية، بينما يواصل الحوثيون استخدام خطاب التخوين ضد اليمنيين، متهمين كل معترض أو ساخر بأنه "عميل" لقوى خارجية، في وقت يبحث فيه الناس فقط عن لقمة العيش.

 

امتداد للإمامة

الثورة اليمنية في 26 سبتمبر 1962 اندلعت ضد حكم الإمامة الذي عزل البلاد قرونا عن العالم.

واليوم، يرى كثير من اليمنيين أنهم يعيشون نسخة جديدة من ذلك الحكم الكهنوتي في ظل سلطة الحوثيين، التي لم تكتف بإعادة إنتاج القمع، بل أضافت إليه الجريمة المنظمة والسطو الاقتصادي، حتى غدت حياة الملايين رهينة الجوع والاختطاف والخوف.