تقرير خاص
لا يزال الصحفي محمد عبد القادر المياحي قابعًا في أحد سجون جماعة الحوثيين بصنعاء، في ظل تصاعد الانتهاكات التي تمارسها الجماعة ضد الصحفيين والناشطين المعارضين. فمنذ اعتقاله في 8 صفر 1446هـ، يواجه المياحي مصيرًا مجهولًا وسط تقارير تتحدث عن تعرضه لمعاملة قاسية، في وقت يزداد فيه القمع الممنهج ضد حرية الصحافة في اليمن.
الاعتقال بتهم “التحريض” و”الإساءة”
بحسب وثائق صادرة عن أجهزة الاستخبارات الحوثية، جاء اعتقال المياحي نتيجة نشاطه الإعلامي المعارض، حيث اتُهم بالعمل لصالح قنوات ومواقع إلكترونية معارضة، مثل قناة بلقيس، يمن شباب، المصدر أونلاين، الصحوة نت، مأرب برس، وغيرها. كما زعمت الجماعة أنه كان يستخدم منصاته في التحريض على الفوضى، وانتقاد سياسات الحوثيين، والدعوة إلى مواجهة ما أسماه “الإمامة والسلالة”، في إشارة إلى الخطاب المناهض للمشروع الحوثي.
وتضمنت التهم أيضًا انتقاد المولد النبوي واتهام الجماعة بـ”المتاجرة” به، بالإضافة إلى وصفه ثورة 21 سبتمبر، التي أوصلت الحوثيين إلى السلطة، بـ”اليوم الأسود”. كما ورد في محاضر التحقيق أنه كان على علاقة مباشرة بالناشطة اليمنية توكل كرمان، وكتب مقالات لمواقع تابعة لحزب الإصلاح، وهو ما اعتبرته الجماعة دليلًا على ارتباطه بجهات “معادية”.
قمع متزايد ضد الصحفيين
لا يمثل اعتقال المياحي حالة استثنائية، بل يأتي في سياق حملة قمع مستمرة ضد الصحفيين والناشطين في مناطق سيطرة الحوثيين. فقد شهدت السنوات الماضية اختطاف عشرات الصحفيين، بينهم من تعرضوا لمحاكمات غير عادلة، وأُدينوا بتهم ملفقة، فيما لا يزال البعض يواجه خطر الإعدام.
وبحسب تقارير حقوقية، تستخدم الجماعة وسائل قمع متعددة ضد الصحفيين، من بينها الاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، والتعذيب، والتشهير، إضافة إلى إصدار أحكام قاسية تصل إلى الإعدام، كما حدث مع أربعة صحفيين آخرين محكوم عليهم منذ عام 2020.
مناشدات حقوقية بلا استجابة
على الرغم من المطالبات المحلية والدولية بالإفراج عن الصحفيين المعتقلين، تواصل جماعة الحوثيين احتجاز المياحي وغيره، دون مراعاة للمواثيق الدولية المتعلقة بحرية الصحافة وحقوق الإنسان. منظمات حقوقية، بينها منظمة العفو الدولية، ولجنة حماية الصحفيين، والاتحاد الدولي للصحفيين، سبق أن دعت للإفراج عن الصحفيين المعتقلين، إلا أن الجماعة لم تستجب لهذه النداءات.
وفي ظل استمرار الصمت الدولي والتجاهل المحلي، يبقى الصحفي محمد المياحي في قبضة الحوثيين، فيما تتزايد المخاوف على مصيره، خاصة في ظل التقارير التي تتحدث عن تعذيب المعتقلين الصحفيين وحرمانهم من أدنى حقوقهم الإنسانية.
حرية الصحافة… في خطر
يعكس اعتقال المياحي واقعًا قاتمًا لحرية الصحافة في اليمن، حيث تحوّل الإعلام إلى ساحة صراع خطرة، يُلاحَق فيها كل صوت معارض. وبينما يعاني الصحفيون من التضييق والقمع في صنعاء، فإن المناطق الأخرى في البلاد ليست بأفضل حال، حيث تواجه الصحافة تحديات عدة، من بينها الاستقطاب السياسي، والتهديدات، والاغتيالات، والرقابة المشددة.
وفي ظل هذا المشهد، يظل السؤال قائمًا: إلى متى ستبقى حرية الصحافة في اليمن رهينة الحسابات السياسية، وإلى متى سيظل الصحفيون يدفعون ثمن آرائهم؟