بعد 85 عامًا.. إذاعة BBC عربي تتوقف عن البث اليوم وتصبح منصة رقمية

دولية

 

بعد رحلة إبداع إذاعية استمرت 85 عامًا تتوقف إذاعة بي بي سي نيوز عربي عن البث في تمام الساعة 13:00 بتوقيت غرينتش اليوم الجمعة 27 يناير 2023.

 

وقالت المحطة الإذاعية الشهيرة في بيان على موقعها الرسمي إنه بعد توقف البث ستذاع بعض البرامج الإذاعية المختارة على موقع bbc.com/arabic، بينما ستكون هناك صفحة إلكترونية بعنوان “هنا لندن”، يمكن الوصول إليها من خلال الموقع الإلكتروني، ستتضمن المساحة المخصصة للمحتوى الصوتي.

 

 

وتتوفر برامج وبودكاست حالية وجديدة على موقع bbc.com/arabic. ويشتمل المحتوى الجديد على “نشرة إخبارية يومية”، وستكون ملخصًا للقصص الإخبارية الكبيرة، و”نشرة إخبارية رياضية”، عبارة عن تقرير موجز عن الأخبار الرياضية الرئيسية.

 

ويستمر برنامج “بي بي سي إكسترا”، الذي يذاع منذ فترة طويلة، على الموقع كبودكاست. في حين تستمر سلسلة “خرافات”، التي تتحقق من صحة الأخبار وما يُنشر على وسائل التواصل الاجتماعي، وسلسلة “أبعاد الصورة”، التي تقدم تحليلًا متعمقا للشؤون الجارية، أيضا كمدونات صوتية.

 

 

تحول رقمي

 

وأشارت إلى أنها وضعت الخطوات الأولى في خططها لتصبح خدمة رقمية في المقام الأول بهدف تعزيز تفاعلها مع جمهورها في جميع أنحاء العالم العربي، وذلك كجزء من إستراتيجية خدمة BBC العالمية التي تم الإعلان عنها العام الماضي، والتي تركز على تقديم محتوى رقمي لزيادة التفاعل مع الجماهير في جميع أنحاء العالم.

 

وأوضحت أن الخدمة العالمية حققت بالفعل مستويات قياسية من النمو على المنصات الرقمية، حيث تصل إلى 148 مليون شخص في المتوسط أسبوعيا. وزادت الحصة الرقمية من الوصول إلى لغات الخدمة العالمية بأكثر من الضعف، لترتفع من 18% إلى 43% منذ عام 2018.

 

أما عدد جمهور بي بي سي نيوز عربي فيبلغ 39 مليونًا أسبوعيا، ورغم أن أكثر من 12% من إجمالي هذا الجمهور يستخدمون الخدمات الإذاعية، فإن 5% فقط منهم يستخدمون الإذاعة فقط.

 

 

مرحلة جديدة

 

من جانبها قالت ليليان لاندور، مديرة خدمات بي بي سي الإخبارية العالمية، إن إذاعة بي بي سي نيوز عربي تُشكل “أحد الفصول البارزة في تاريخ بي بي سي عربي، وفي تاريخ الخدمة العالمية كلها.

 

وأضافت أنه على مدى عقود، اعتمد المستمعون في جميع أنحاء العالم العربي عليها من أجل صحافة عادلة وحيادية ومستقلة، مشيرة إلى أنه من خلال توسيع المحتوى الصوتي والرقمي، ستستمر بي بي سي نيوز عربي في خدمة جمهورها والتواصل معه لتقديم الصحافة الموثوقة التي تشتهر بها في المنطقة وخارجها.

 

 

فيما قال محمد يحيى، مدير محتوى الوسائط المتعددة في بي بي سي عربي: “الاحتياجات المتغيرة للجمهور هي السبب في تطوير محتوانا الصوتي والرقمي. فهناك ما يقرب من 40 مليون شخص في الأسبوع يلجأون إلى بي بي سي عربي لمعرفة الأخبار، وسيظل التزامنا بتقديم صحافة محايدة ومستقلة إلى العالم العربي أولويتنا مع دخولنا هذه المرحلة من توسعنا الرقمي”.

 

 

تاريخ عريق

 

جدير بالذكر أن إذاعة بي بي سي نيوز عربي انطلقت في مساء الثالث من يناير من عام 1938م، حين قرأ المذيع أحمد كمال سرور أول نشرة إخبارية على أثير الإذاعة العربية الوليدة، التي كانت أولى الخدمات العالمية لهيئة الإذاعة البريطانية BBC.

 

وبدأت الخدمة العربية ببث يزيد قليلًا على 60 دقيقة يستهل بنشرة أخبار ثم رسائل من قادة مناطق الانتداب العربية، ثم مواد متنوعة. وزادت تلك الفترة إلى 3 ساعات مع نهاية الحرب العالمية الثانية، كانت تذاع خلالها 4 نشرات إخبارية، وكان البث يُستهل بآيات من القران الكريم في نهج استمر لعقود طويلة.

 

وبمرور الوقت اتجهت بي بي سي للتخفيف من مساحة المادة الإخبارية السياسية إلى المواد الثقافية في محاولة لدعم الخدمة كأداة ناعمة. وظلت الإذاعة بعنوانها المعروف “هنا لندن” بعد دقات بيغ بن ملتقى للعديد والعديد من الشخصيات العربية المؤثرة في الفن والثقافة والرياضة والموسيقى والغناء وغير ذلك.

 

وتوسعت الخدمة العربية في بي بي سي وتطورت بمرور الوقت وانضم إليها مزيد من الوجوه التي صارت نجومًا في أرجاء العالم العربي. وفي بداية التسعينات كان يعمل بالقسم العربي حوالي 80 شخصًا بين مذيع ومنتج وفني وإداري، بعضهم تحول للتلفزيون الوليد الذي أنشأته بي بي سي في عام 1994.

 

وخططت بي بي سي للاستثمار في أدوات ناشئة فأطلقت موقعها الكتروني ليحل محل منتجاتها الورقية مثل “هنا لندن” و “المستمع العربي” و “المشاهد السياسي”.

 

وفي 2003، افتتحت الإذاعة مكتبا لها في القاهرة تزامنا مع بد الحرب على العراق لإسقاط نظام صدام حسين، ليكون أول مكتب للخدمة العربية خارج مقرها الرئيس في لندن.

 

 

وفي 2008، كانت الإذاعة والموقع العربيان أول الخدمات الأجنبية التي انتقلت وانطلقت من مبنى نيو برودكاستنغ هاوس في لندن من مقرها في بوش هاوس Bush House في شارع ستراند الذي استقرت به منذ عام 1941.

 

وفي العام نفسه ومن المقر الجديد أعادت بي بي سي تجربتها التلفزيونية بتدشين تليفزيون بي بي سي نيوز عربي دون أي شراكة مع أي جهة، كي تحافظ على استقلاليتها وحيادها.

 

وفي 2019 نقلت بي بي سي المزيد من برامجها من المقر الرئيس في لندن ومقرها الفرعي بالقاهرة إلى منفذ إضافي في العاصمة الأردنية عمان ليضيف زخما جديدا للخدمة العربية العريقة.

 

وفي عام 2022، ومع تنامي الاعتماد على التقنية الرقمية، ورغبة في تخفيض الإنفاق في ظل ظروف اقتصادية صعبة قررت المؤسسة التحول إلى خدمة صوتية رقمية على حساب خدمتها الإذاعية التقليدية.

 

وستبقى “هنا لندن بي بي سي” تنطلق بالعربية، لكن ليس كما عهدها جمهورها على مدى 85 عامًا عبر جهاز الراديو التقليدي، وإنما عبر منصات إلكترونية تلبي احتياجات جيل جديد من الجمهور.