الحقيقة أننا معنيون بدعم مجلس القيادة الرئاسي عبر الوقوف معه وعبر إصلاح أدائه وسياساته وعبر منع تحوله إلى مشكلة أخرى في اليمن.
ولذا ينتطر كل اليمنيين من مجلس القيادة الرئاسي أن يكون بحجم اللحظة الصعبة الراهنة ومواجهة استحقاقات حالة اللاسلم واللاحرب، بتحمل مسؤولياته على مختلف الأصعدة، سواءً على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو العسكري والأمني في وقت تتعاظم المخاطر أمام اليمنيين مع تزايد التدخلات الخارجية وما يترتب على ذلك من تعقيدات تجعل من استعادة البلاد أكثر صعوبة.
وإذا كان المجلس، الذي يفترض أنه جاء حلاً لإشكال ضعف الرئاسة بهدف خلق حيوية أكثر وتمثيل اوسع كما كانت المبررات والدوافع إبان نقل السلطة في ٧ أبريل ٢٠٢٢، فإننا اليوم أمام إشكالية أن المجلس، أصبح منتجاً للأزمات والمشاكل، تتنازعه اتجاهات ورغبات السيطرة والإستحواذ وممارسات تفتت معنى الدولة والقانون والعمل المؤسسي .
ولعل أخطرها القرارات الصادرة عن عضو مجلس القيادة الرئاسي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللواء عيدروس الزبيدي، لتعيين مسؤولين في وزارات وهيئات، والتي هي في جوهرها اعتداء صريح ومخالفة جسيمة لسلطة اصدار القرار في مستوها السيادي الاول وتغولها على صلاحيات رئيس مجلس القيادة وتجاوز اختصاصات الحكومة، ومصادمتها لروح ونصوص إعلان نقل السلطة الذي يمثل مرحعية ناظمة للمجلس وقيادته في إدارة شؤون الدولة، لتضع البلاد أمام ازمة جديدة، دون مراعاة لانعكاسات ذلك على الوضع الاقتصادي للبلاد بعد التحسن المحدود في قيمة العملة المحلية أو تبعاته على سمعة السلطة الشرعية سواء أمام مواطنيها او امام المجتمع الدولي، وإضعاف موقف الشرعية أمام مليشيا الحوثي. كما أن محاولة فرضها كأمر واقع، يطلق رصاصة الرحمة على معنى الدولة وسيادة القانون وهيبة المؤسسات ، وقبل كل شيء على المجلس نفسه، ويقوض أي ثقه به على المستوى الداخلي والخارجي ويطلق سابقة وسباقاً بين أعضائه لإصدار قرارات فوضوية تنهي مؤسسة الرئاسة شكلاً ومضموناً.
إن ماحدث يعكس هشاشة التزامات الأطراف المكونة للمجلس وغياب صيغة فعالة لحماية إعلان نقل السلطة من قبل رعاة الإعلان، وتراجع المسؤوليات المناطة بهذا المجلس على المستوى الداخلي والخارجي، كما يفصح عن الفجوة بين مكوناته، فضلاً عن الحاجة الملحة للالتزام باللائحة المقرة مؤخراً لتنظيم عمل قيادة و أعضاء المجلس، وهي اللائحة التي كان يفترض أنه تم إنجازها خلال الأشهر الأولى من ممارسة المجلس لمهامه، كما يعكس الحاجة إلى دمج مختلف التشكيلات والهيئات العسكرية والأمنية تحت سيطرة وزارة الدفاع والأمن، كما نص على ذلك اتفاق الرياض وتشكلت لاجل تنفيذه لجنة عسكرية وأمنية عليا.
وهنا أجد نفسي أشاطر بيان المجلس الانتقالي المطالبة بتنفيذ بنود اتفاق الرياض، باعتبارها المقدمة الضرورية لمنع أيّ تصرف أحادي من شأنه تكرار ماحدث بالاستقواء بالقوة العسكرية والأمنية.
من هذا المنطلق أتمنى على قيادة المجلس ومكوناته استشعار أهمية الغاء هذه القرارات وتجاوز هذا المأزق الخطير دون اللجوء إلى التسويات التي تسلب الدولة اعتبارها في هذه اللحظة الحساسة التي تمر بها البلاد ومعالجة الأزمة على النحو الذي يحافظ على سلطات الدولة ومرجعية إعلان نقل السلطة وما يرتبه على الجميع من التزامات، لتصويب المسار، وتوجيه بوصلة المعركة نحو استعادة الدولة سلماً أو حرباً والكف عن مضاعفة متاعب اليمنيين وإنتاج المزيد من الأزمات.
* (من صفحة الكاتب على الفيس بوك)