رئيس الوزراء اليمني: استقرار العملة ثمرة قرارات صعبة وإصلاحات متكاملة

حكومية

أكد رئيس مجلس الوزراء اليمني، الدكتور سالم بن بريك، أن التحسن الأخير في قيمة العملة الوطنية لم يكن وليد صدفة، وإنما جاء نتيجة حزمة من الإجراءات المالية والنقدية والإدارية نفذتها الحكومة بالتنسيق مع البنك المركزي. وقال في حوار مع صحيفة «الشرق الأوسط» إن «العملة لا تتحسن بالشعارات، بل بالقرارات الصعبة والانضباط المالي»، مشددًا على ضرورة تمكين الحكومة من ممارسة صلاحياتها بعيدًا عن العراقيل والتدخلات.

 

وأوضح أن العلاقة مع مجلس القيادة الرئاسي تتسم بالانسجام في الرؤية والإصلاحات، لكنه أكد أن نجاح الحكومة مرهون بوجود «غطاء سياسي قوي من المجلس» يتيح لها ممارسة مهامها كاملة ودعم مسار الإصلاحات الاقتصادية والمؤسسية.

كما دعا المبعوث الأممي إلى مزيد من الوضوح في تسمية المعرقلين لجهود السلام، وحثّ الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن على الانتقال من بيانات القلق إلى خطوات عملية رادعة تمنح الحكومة أدوات أقوى لاستعادة الدولة.

 

تحسن المؤشرات الاقتصادية

أوضح رئيس الحكومة أن الإجراءات الأخيرة انعكست إيجابًا على المؤشرات الاقتصادية، ومنها انخفاض التضخم وتراجع الطلب على العملات الأجنبية بفضل السياسات المنسقة بين الحكومة والبنك المركزي، إضافة إلى تحسن سعر الصرف نتيجة «ضبط السوق وفرض آليات شفافة لتمويل الواردات».

وأشار إلى أن الحزمة السعودية الأخيرة ساعدت الحكومة على الوفاء بجزء من التزاماتها تجاه المواطنين وتحسين الخدمات الأساسية، ما أسهم في تعزيز الثقة المتبادلة بين الدولة والمجتمع ورفع مناعة الاقتصاد في مواجهة صدمات الحرب.

 

تحديات المرحلة الراهنة

وصف بن بريك الوضع الحالي بأنه «مرحلة صعبة»، تتطلب خوض معركة موازية لمعركة استعادة الدولة، تشمل معالجة الأوضاع المعيشية والاقتصادية والخدمية والأمنية. ولفت إلى أن أبرز التحديات محليًا تتمثل في الضغط الهائل على الخدمات الأساسية، وتراجع الإيرادات بسبب توقف تصدير النفط، وتعقيدات ضبط الموارد المحلية، واتساع رقعة الاحتياجات الإنسانية. أما إقليميًا، فأشار إلى مخاطر تصاعد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر ضد السفن التجارية، فيما يكمن التحدي الدولي في حشد الدعم لليمن وسط أزمات اقتصادية وأمنية متلاحقة يشهدها العالم.

وشدد على أن التحدي الأبرز يتمثل في استعادة ثقة المواطن الذي يريد أن يرى «نتائج ملموسة: خدمات تتحسن، وعملة تستقر»، معتبرًا أن دعم الشركاء للحكومة سيكون له أثر حاسم في هذا الجانب.

 

الحرب الاقتصادية الحوثية

اتهم رئيس الوزراء ميليشيا الحوثي بممارسة «حرب اقتصادية ممنهجة» عبر استخدام الاقتصاد كسلاح لإضعاف الدولة وتعميق الأزمة الإنسانية، مؤكدًا أن حكومته تعمل «بكل الوسائل» لمواجهة هذا النهج، سواء عبر إجراءات داخلية أو بالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين.

 

من إدارة الأزمة إلى صناعة الحل

رفض بن بريك الاكتفاء بالتحسن المؤقت للعملة، مؤكدًا أن المطلوب هو ضمان استدامة المسار الإصلاحي عبر خطوات جذرية تشمل:

  • تعزيز الإيرادات وضمان توريدها إلى الحساب العام للدولة.

  • ترسيخ الانضباط المالي والشفافية عبر آليات رقابية فعالة.

  • مواصلة الإصلاحات الضريبية والجمركية لزيادة الموارد المستدامة.

  • تحسين إدارة احتياطيات النقد الأجنبي.

  • تمكين القطاع الخاص من قيادة التنمية عبر بيئة استثمارية جاذبة.

  • استقطاب التمويلات التنموية لمشاريع البنية التحتية والخدمات وخلق فرص عمل.

وكشف عن خطة التعافي الاقتصادي 2025 – 2026، التي أقرها مجلس القيادة الرئاسي، متضمنة أهدافًا قصيرة المدى لتعزيز الاستدامة المالية واستقرار النظام المصرفي وتنمية القطاعات الحيوية، إلى جانب مكافحة الفساد وتحسين الأداء المؤسسي.

 

شراكات استراتيجية وحلول مستدامة

وأشار بن بريك إلى أن الحكومة تعمل على توسيع الشراكات الاستراتيجية مع السعودية والإمارات، خصوصًا في مجالات الكهرباء والطاقة المتجددة، سعيًا لإيجاد حلول مستدامة للقضايا المزمنة بعيدًا عن «الترقيع المؤقت». كما أكد أن العمل جارٍ على استعادة فاعلية مؤسسات الدولة في عدن وضبط العلاقة مع السلطات المحلية وفق القوانين النافذة.

واختتم رئيس الوزراء بالتأكيد على أن الهدف الأساسي للحكومة هو أن يشعر المواطن بأنها لا تدير الأزمة فقط، بل تعمل على فتح أفق للحل عبر الانتقال من الاستجابة الطارئة إلى المبادرة وصناعة المستقبل، معتبرًا أن المرحلة الراهنة «حساسة لكنها واعدة»، إذا ما جرى استثمار الفرص والدعم الدولي بشكل سريع وفعّال.