التوتر داخل مجلس القيادة الرئاسي.. بين التماسك المعلن والانقسامات المكتومة

تقارير

عقد مجلس القيادة الرئاسي اجتماعه، الخميس 18 سبتمبر 2025، في لحظة سياسية بالغة الحساسية، إذ تتزايد الخلافات بين أعضائه حول الصلاحيات وتداخل السلطات، خصوصاً بعد سلسلة قرارات أصدرها عضو المجلس عيدروس الزبيدي، أثارت اعتراضات واسعة واعتُبرت تجاوزاً لآلية القيادة الجماعية.

ورغم ما حمله البيان الختامي من تأكيد على وحدة المجلس وتماسكه والالتزام بمبدأ الشراكة، إلا أن القرارات التي اتُخذت تكشف عمق الأزمة، حيث جرى تكليف الفريق القانوني بمراجعة جميع قرارات المجلس منذ 2022 وحتى اليوم، وكذلك التدقيق بشكل خاص في تعيينات الزبيدي الأخيرة، وهو ما يضعه في قلب دائرة الجدل.

 

أبعاد الخلاف

الخلافات داخل المجلس ليست جديدة، لكنها اليوم تبدو أكثر وضوحاً بعد أن اتخذت طابعاً مؤسسياً من خلال إحالة الملفات إلى الفريق القانوني. فالمجلس يسعى لإظهار أن هناك مرجعية قانونية تنظّم عمله، وأن أي قرار خارج هذا الإطار يعد باطلاً أو قابلًا للمراجعة.

المراقبون يرون أن هذه الخطوة تمثل محاولة لتقليص نفوذ القرارات المنفردة التي تصدرها بعض الأطراف، وفي الوقت نفسه محاولة لإعادة الاعتبار لدور الرئيس رشاد العليمي كرأس للمجلس، مع التشديد على مبدأ القيادة الجماعية الذي جاء أساساً لتفادي هيمنة أي طرف.

 

البعد الأمني والعسكري

منح الفريق القانوني صلاحية الاستعانة باللجنة العسكرية والأمنية يكشف عن حساسية الملف الأمني داخل المجلس، خصوصاً أن القرارات الأخيرة للزبيدي شملت تعيينات عسكرية وأمنية. هذه النقطة تمثل أحد مكامن التوتر الرئيسية، إذ يخشى باقي أعضاء المجلس من أن تتحول القرارات المنفردة إلى أداة لترسيخ نفوذ سياسي وعسكري لمكونات بعينها على حساب بقية الأطراف.

 

بين العلن والكواليس

في العلن، يظهر أعضاء المجلس متماسكين، لكن خلف الكواليس ثمة صراع مكتوم على الصلاحيات، تغذيه طبيعة المجلس نفسه الذي يضم مكونات متباينة في الأهداف والولاءات. فالمشهد يوحي بأن المجلس يسعى إلى ترميم شرعيته أمام الداخل والخارج، بينما تتفاقم داخله الخلافات حول النفوذ العسكري والإداري.

 

دلالات وتوقعات

القرارات الأخيرة تعكس توجهاً نحو إعادة ضبط التوازنات داخل المجلس، لكنها في الوقت ذاته قد تفتح الباب أمام مواجهة أوسع إذا ما شعر أي طرف بأن مراجعة قراراته تمثل استهدافاً سياسياً له. وفي حال مضى الفريق القانوني بمراجعاته بشكل صارم، فمن المتوقع أن نشهد إلغاء أو تعديل بعض التعيينات المثيرة للجدل، وهو ما قد يعيد الخلاف إلى الواجهة بصورة أشد.

وفي المحصلة، فإن اجتماع 18 سبتمبر 2025 لا يمثل فقط محطة إدارية لمراجعة القرارات، بل هو تعبير عن صراع أعمق على السلطة والنفوذ داخل مجلس القيادة الرئاسي، بين الرغبة في التماسك الظاهري والخلافات البنيوية التي تهدد بانفجاره في أي لحظة.