انقشعت غيوم الدخان عن سماء غزة اليوم الأحد، مع بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار الذي أنهى حرباً طاحنة استمرت 471 يوماً، مزقت القطاع المحاصر وشردت الآلاف من سكانه. بينما تتسلل أجواء الهدنة إلى القطاع، تشهد غزة والقدس لحظات تختلط فيها آمال العودة بمآسي الحرب.
فرحة اللقاء: إطلاق سراح الأسرى
في القدس المحتلة، تتنفس العائلات الفلسطينية الصعداء مع بدء تنفيذ المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى، التي تشمل إطلاق سراح أكثر من 80 أسيراً وأسيرة. مشهد اللقاء بين الأسرى وعائلاتهم تحول إلى لحظة استثنائية، حيث عادت الأرواح إلى أحضانها بعد سنوات من الغياب خلف قضبان الاحتلال. الصفقة، التي تمتد على مدار 42 يوماً، تمثل بصيص أمل لآلاف الأسر الفلسطينية التي تنتظر دورها في هذه اللحظات التاريخية.
عودة النازحين: رحلة نحو المجهول
على الجانب الآخر، بدأ النازحون الفلسطينيون في العودة إلى منازلهم، أو ما تبقى منها، بعد أن أجبروا على النزوح خلال الحرب. عائلات تحمل ذكريات وألم الفقد، تعود لتواجه مشاهد الخراب الذي خلفه الاحتلال. أحياء بأكملها لم تعد صالحة للحياة، فيما يتطلب إعادة الإعمار جهوداً جبارة ومعجزات إنسانية.
المساعدات الإنسانية: شريان حياة وسط الركام
في ظل الدمار الكبير، دخلت عشرات الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية إلى القطاع عبر معبر كرم أبو سالم. الهلال الأحمر الفلسطيني أكد أن المساعدات تشمل إمدادات غذائية ووقوداً ضرورياً لإعادة تشغيل الخدمات الأساسية. لكن، رغم وصول هذه القوافل، لا يزال الطريق إلى التعافي طويلًا، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي.
هدنة.. ولكن إلى متى؟
منذ طوفان الأقصى في أكتوبر 2023، ظن الاحتلال الإسرائيلي أن آلة الحرب ستفرض الاستسلام على غزة. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفع لاءاته الشهيرة: لا لوقف الحرب، لا لتبادل الأسرى، لا لعودة النازحين، لا لرفع الحصار. إلا أن المقاومة الفلسطينية فرضت شروطها، وحولت لاءاته إلى انكسارات سياسية، دفعت به إلى حافة المساءلة في الداخل الإسرائيلي.
بين الأمل والقلق
مع دخول الهدنة حيز التنفيذ، تعيش غزة مرحلة جديدة، يختلط فيها الأمل بالخوف من انهيار الاتفاق. فالمقاومة الفلسطينية أكدت استعدادها للرد على أي خروقات إسرائيلية، فيما يبقى سكان القطاع مرتهنين لاتفاق هش يعبر فوق جرح لم يلتئم.
وفيما تترقب العيون المستقبل القريب، تبقى غزة شاهدة على معاناة شعب يتشبث بالحياة، رغم كل محاولات كسر إرادته.