عقب مداولات لوقت قصير لم تزد عن عشر دقائق، بدأ القاضي يحيى عبدالكريم منصور رئيس المحكمة الجزائية المتخصصة بقضايا الإرهاب والخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، يتلو نص الحكم الصادر ضد المختطف عدنان الحرازي مدير شركة "برودجي سيستمز"، والذي تضمن الحكم عليه بالإعدام تعزيرا، ومصادرة أمواله وكل ممتلكات شركته وأرصدتها المالية، حينها كانت شقيقته "شريفة الحرازي" حاضرة اللحظات العصيبة التي انتظرتها هي وكل أسرة شقيقها، بانتظار عدالة تعيد لشقيقها حريته وممتلكاته، وكانت الأنظار شاخصة والقاعة عمّها صمت رهيب، بيد أن الحكم كان صادماً لها ولكل من حضر الجلسة ولمن يعرف حيثيات القضية التي يحاكم بها الحرازي منذ أغسطس الماضي.
تضيف شقيقة عدنان متحدثة عن الحكم ومشاعر اللحظة التي عاشتها بالقول: "كان بمثابة الصدمة علينا وخبر كالصاعقة على أسرته وأولاده وزوجته، وكل من يعرفه، لم أصدق ما سمعته في قاعة المحكمة ولا يزال الشك لدينا بأن ما تم النطق به في جلسة الأمس، غير صحيح وأنه شيء من الخيال، إذ أن أخي بريء من كل التهم المنسوبة إليه وهو يقبع خلف القضبان ظلماً في زنزانة انفرادية منذ يناير من العام الماضي، ليتم الحكم عليه بالإعدام في مشهد صارخ ضد العدالة".
الحكم بإعدام "الحرازي" تعزيزا ومصادرة أمواله، جاء وفقاً لقرار الاتهام الصادر من النيابة الجزائية الخاضعة لمليشيا الحوثي، حيث وجهت له تهمتي: "الاشتراك في اتفاق جنائي مع من يعملون لمصلحة العدوان السعودي الإماراتي، والسعي والتخابر لدى دولة أجنبية في حالة حرب مع اليمن هي الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة (بريطانيا)، بأن تعاقد مع منظمات دولية وهيئات حكومية (منظمة ما يسترال الأمريكية والبنك الدولي والمجلس الثقافي البريطاني وجامعة ماسترخت الهولندية) تتبع تلك الدول".
المهندس عدنان علي حسين الحرازي، من مواليد محافظة ذمار مديرية "ضوران انس" يبلغ من العمر 51 سنة، تلقى تعليمه الأساسي والثانوي في مدرسة ناصر بتعز، درس هندسة حاسوب بجامعة صنعاء وعمل فيها مدرساً بدرجة معيد، ليحصل على منحة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وهنالك نال شهادة الماجستير في علوم الحاسوب، وتلقى بعدها عدة عروض للعمل في أمريكا، بحكم تخصصه والتفوق الذي عرف عنه، غير أن قناعته بالعمل لخدمة البلاد كانت راسخة ومع قناعته تلك عاد للعمل في اليمن حتى أسس شركة "برودجي سيستمز" في 2006.
وتتخذ شركة "برودجي سيستمز"، من صنعاء، مقراً لمركزها الرئيسي، وتعمل بتصريح رسمي من الجهات المعنية، ونشاطها يشمل جميع أنحاء محافظات الجمهورية اليمنية في مجال الرقابة على العمل الإنساني كطرف ثالث.
مضايقات وضغوط
خلال الأعوام الماضية، تعرض لمضايقات حوثية واسعة في أعمال شركته، هدفت لتمرير أجندة تخدم مليشيا الحوثي وبعض قياداتها، غير أن تلك المضايقات والتي توسعت لضغوط أكبر وتهديدات تطال الشركة ومديرها شخصيا، غير أنه لم يخضع لتلك الضغوط، خصوصا وأن الشركة كانت تحظى بثقة المنظمات الدولية، الأمر الذي أثر على منظمات أخرى مماثلة تابعة لمليشيا الحوثي أو موالية لها وتمرر عبرها أجندتها المختلفة، ما جعل "برودجي" ومديرها هدفا لقيادات حوثية عليا رتبت خطتها بإحكام للقبض عليه ومصادرة الشركة وصولا إلى الحكم بإعدامه رميا بالرصاص.
وتحظى منظمة "برودجي سيستم" بثقة كبيرة لدى المنظمات الخارجية والأمم المتحدة، حيث تنفذ أنشطتها ميدانيا بما يمكنها من الوصول للمستفيدين مباشرة أو المتضررين من الحرب، ولديها أنشطة أخرى رقابية على مشاريع يجري تنفيذها من قبل منظمات أخرى، حيث تتولى "برودجي" مهمة الرقابة والتأكيد على وصول المساعدات دون تلاعب، الأمر الذي خلق لها مشاكل عديدة مع قيادات المليشيا التي تتلاعب بأنشطة المنظمات لصالحها والموالين لها في مختلف المحافظات، بالإضافة لمحاولاتها التدخل لمنع تنفيذ أنشطة المنظمات ومشاريعها في المحافظات المحررة والخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية.
مصادر مطلعة، أفادت لـ "المصدر أونلاين"، أن قيادات حوثية أنشأت العديد من المنظمات والشركات في صنعاء وعدد من المحافظات، بهدف لعب دور الوسيط بين المنظمات الخارجية والمتضررين من الحرب أو المستهدفين من المشاريع الممولة خارجيا، وكان إنشاء هذه المنظمات التابعة للمليشيا على حساب العشرات من المنظمات المحلية الفاعلة والمعروفة بسمعتها الجيدة ميدانيا ولدى المنظمات الخارجية، والتي أزيحت خلال الأشهر والسنوات الماضية، بضغوط من قيادات حوثية مرتبطة بالمجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي ـ الكيان الحوثي الذي أنشأته للإدارة والإشراف على اعمال المنظمات في مناطق سيطرتهاـ أو ما يعرف بـ "سكمشا".
ومع إنشاء قيادات مليشيا الحوثي منظمات وشركات تابعة لها، كانت "برودجي سيستمز" الشريك الرئيسي لدى المنظمات الخارجية ولها أدوار فاعلة لدى الجهات الداعمة، الأمر الذي جعل المنظمات الحوثية تتأثر ولم تستحوذ على مشاريع مهمة وكبيرة تستفيد منها قيادات المليشيا التي اتهمت إدارة شركة "برودجي" بالعمل ضد تلك المنظمات الحوثية ورفع تقارير عن فسادها وتلاعبها لدى المنظمات الخارجية، بكونها جهة رقابية على تنفيذ العديد من المشاريع التي سلمت لمنظمات حوثية حرمت من مشاريع قادمة وأخرى كانت قيد التسليم، ما اضطر القيادات الحوثية لإستهداف شركة "برودجي" بشكل رئيسي، متهمة إياها بالعمل لصالح تلك المنظمات والجهات الخارجية كـ "فرية" دأبت على تلفيقها لكل من يعمل خارج إرادتها وبعيدا عما يخدم توجهات وأنشطة المليشيا.
المصادر أفادت بأن مشاريع كبيرة امتنعت عدد من المنظمات الخارجية مؤخرا، عن تمويلها أو تسليمها لمنظمات وجهات حوثية، ووجدت قيادات حوثية رفضا وممانعة غير مسبوقة من قبل تلك المنظمات التي كانت تعتزم تنفيذها عبر شركة "برودجي"، الأمر الذي جعل إدارة الشركة هدفاً لقيادات المليشيا لتقوم باقتحامها في يناير من العام الماضي ونهب كل الأجهزة بما فيها سيرفرات الشركة، وإغلاقها واختطاف إدارة الشركة والعشرات من الموظفين.
وتحدثت المصادر، أن من بين الشركات المنافسة لـ"برودجي" شركة "برزنت"، و"جراند ثوردن"، و"بلومن"، وشركة "إيبكس"، وشركات أخرى عديدة، تخضع لتوجيهات ورغبات مليشيا الحوثي تأثرت بعمل شركة "برودجي" التي تم إغلاقها لتحل محلها الشركات المنافسة، لافتة إلى أن الصراع مع مدير شركة برودجي وصل للقيادي الحوثي أحمد حامد المعين من قبل المليشيا مديراً لمكتب رئاسة الجمهورية، وهو القيادي الذي يلعب دورا كبيرا في قرارات الجماعة ويحكم سيطرته على الكثير من مفاصل السلطة بمناطق سيطرة المليشيا، حيث يصر "حامد" على نهب ومصادرة الشركة وهو المتهم بالوقوف خلف الحكم بإعدام الحرازي، في الوقت الذي أشارت المصادر إلى أن نجل "حامد" شريك في إحدى تلك المنظمات المنافسة.
اقتحام ونهب وإغلاق
في مطلع يناير 2023م، أقدمت مليشيا الحوثي على إقتحام مقر شركة "برودجي سيستم" في العاصمة صنعاء، بأكثر من 25 مدرعة وعشرات الأطقم الحوثية، حيث كسرت أبواب الشركة بقوة السلاح، وخطفت العشرات من الموظفين ومسؤولين كبار في الشركة، وقامت بنهب محتويات الشركة ومن بينها الأجهزة المحمولة، والسيرفرات التي تحتوي على معلومات النازحين والمتضررين من الحرب.
عقب اقتحام الشركة ونهبها، أغلقت مليشيا الحوثي شركة "برودجي" وسطت على أرصدتها المالية، ومنعت سحب أي مبالغ من تلك الأرصدة، وتسببت بمعاناة لأكثر من مائتي موظف وألف شخص يعملون باحثين ميدانيين لدى الشركة بالأجر اليومي، بالإضافة إلى العشرات من سائقي السيارات المرتبطين بالباحثين الميدانيين، وهو الأمر الذي ساهم في معاناة كبيرة لأكثر من 1200 شخص منذ 18 شهرا، حيث توقفت أعمالهم ومرتباتهم، بالإضافة إلى توقف العديد من المشاريع الميدانية التي كانت تستهدف المتضررين من الحرب بمختلف المحافظات.
وبحسب المصادر، فإن قيادات المليشيا مارست ضغوطا على مدير الشركة "عدنان الحرازي" المختطف لديها، بهدف تسليم الشركة لهم، أو الإبقاء عليه كمدير للشركة لصالح تلك القيادات، وهو الأمر الذي قوبل برفض "الحرازي" ما جعله خلف القضبان منذ عام ونصف، بالرغم من الوساطات المحلية المتعددة والتي هدفت للإفراج عنه، غير أنها باءت بالفشل.
إغلاق شركة "ميدكس كونكت"
لم يتوقف الأمر على اقتحام ومصادرة شركة "برودجي"، بل امتدت لشركة أخرى تابعة لعدنان الحرازي، وهي شركة طبية ليس لها أي علاقة أو ارتباط بشركة برودجي، حيث قامت مليشيا الحوثي بإغلاق ونهب شركة "ميدكس كونكت" وهي شركة متخصصة تعمل على تقديم خدمات طبية عبر استخدام التكنولوجيا الحديثة في مجال الأشعة وكتابة التقارير الطبية عن ُبعد عن طريق كبار استشاريّي طب الأشعة في اليمن وعدة دول عربية وأجنبية، الأمر الذي ساهم في توقف خدمات وأعمال الشركة ورواتب موظفيها منذ 18 شهرا.
احتجاجات واعتصام قبلي
ظلت أسرة المهندس عدنان الحرازي تبحث عن بصيص أمل للإفراج عن نجلها، واتخذت سلسلة من الوسائل الهادفة لمنح "عدنان" الحرية وشركته باستئناف العمل، ففي يوم الـ 16 من يناير أقدم "فاتح الحرازي" ابن عم المهندس الحرازي على قطع إصبعه كرسالة للفت انتباه قيادات المليشيا لقضية المختطف الحرازي ولم يتم التعامل مع تلك الرسالة بأي استجابة بالرغم مما تحمله من دلالات، لتمارس أسرته بعد ذلك ضغوطات لم تنجح بتحقيق أهدافها، ليقوم أبناء قبيلة آنس بوقفات احتجاجية مطلع مايو 2023، وطلب منهم التوقف عن تلك الإحتجاجات حتى تنجح المساعي للإفراج عنه، لتفشل تلك المحاولات، ومع عملية الفشل عاود أبناء القبيلة الإحتجاجات في ميدان السبعين ونفذوا وقفة أخرى منتصف مايو 2023، للمطالبة بالإفراج عن مدير شركة برودجي، وفي 7 يونيو اتخذت قبيلة آنس قرارها بالإعتصام في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء حتى يتم الإفراج عن نجلهم "عدنان"، وتم تنفيذ البدء بالاعتصام في الـ 12 يونيو 2023 ليتم فض الاعتصام الذي كان لافتا لوسائل الإعلام من حيث المكان والمطالب، إذ أقدمت مليشيا الحوثي على فض الاعتصام القبلي السلمي في منتصف الليل يوم الـ 17 يونيو بقوه السلاح وبحضور مدرعات وأطقم وعناصر المليشيا المدججة بالأسلحة.
موظفو الشركة كان لهم احتجاجاتهم الموازية لاحتجاجات أسرة مدير الشركة، إذ بدأت أول وقفة لهم في الـ 11 من يونيو 2023م، أمام مقر شركة برودجي بصنعاء، أعقبها وقفات احتجاجية رفعت مطالب أبرزها الإفراج عن مدير الشركة وفتحها لممارسة أعمالها وأنشطتها المختلفة، غير أن المليشيا اتخذت من تلك الوقفات ذريعة لكيل الاتهامات للحرازي وأسرته بأنهم يريدون تثوير الشارع وتأجيج الناس وغيرها من الذرائع التي لم تثنِ أسرته عن الوصول لحرية "عدنان" وتحقيق العدالة الغائية.
أول جلسة
جرى إحالة ملف قضية شركة برودجي للمحكمة مطلع يونيو 2023، إثر ضغوط قبلية واحتجاجات في العاصمة صنعاء، غير أن محاكمة عدنان لم تبدأ فعليا إلا بعد شهرين من إحالته للمحكمة الجزائية المتخصصة والتي هي الأخرى عقدت أول جلسة لها في الـ 19من أغسطس2023، وفيها طالب ممثل الادعاء بحجز الأرصدة المالية لعدنان الحرازي وإعدامه بتهم العمل مع جهات ومنظمات خارجية وتهم أخرى بالعمل لصالح دول "العدوان"، وهي التهمة التي يتم توجيهها لخصوم المليشيا أو من يخالفها أو يرفض العمل معها، ليجري بعدها عقد جلسات متعددة بلغت 19 جلسة انتهت بالحكم بإعدام "عدنان الحرازي" ومصادرة كل أرصدته المالية وشركته التي يديرها.
أبرز التهم
وبحسب مصادر حقوقية وأخرى مطلعة على حيثيات المحاكمة، فإن التهم التي تم إدانة الحرازي بها تنفيذ الشركة لمشروع "بيئة الأعمال" ومشروع آخر تعاقدت من خلاله شركة "برودجي" مع شركة "مايسترال الامريكية للاستشارات".
صفحة "الحربة لبرودجي وعدنان الحرازي" وهي صفحة أنشئت لكل ما يتعلق بقضية الحرازي والشركة، وفيها يتم التحديث بكل مستجدات القضية، تطرقت إلى التهمة المتعلقة بالتعاقد مع شركة "مايسترال الأمريكية للاستشارات"، حيث نقلت عن ندى المؤيد زوجة مدير الشركة تأكيدها أن المشروع مرتبط مع أربع جهات حكومية وهي: وزارة التخطيط ووزارة الشئون الاجتماعية، وصندوق الضمان الاجتماعي، واسكيمشا (المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي) ـ الكيان الحوثي الذي أنشأته للإدارة والإشراف على اعمال المنظمات في مناطق سيطرتهاـ ومرتبط أيضا بجهتين غير حكوميتين هما: اليونيسف، والبنك الدولي، مؤكدة أن الغرض من المشروع تقييم أداء صندوق الضمان ليقوم بتنفيذ أكبر دعم مشروع "كاش" في اليمن، وهو مشروع الحوالات النقدية الذي يعمل منذ منتصف العام 2017 والذي أدخل عملة صعبة لليمن بما لا يقل عن 750 مليون دولار منذ بداية تنفيذه حتى سبتمبر الماضي، بتمويل من البنك الدولي، وفقاً لصفحة الشركة.
وبحسب زوجة مدير الشركة، فإن عملية التعاقد مع "مايسترال" حدثت عندما طلبت سكيمشا أن يقوم صندوق الضمان الاجتماعي بتنفيذ المشروع وتم الاتفاق على عمل تقييم لقدرات وأداء صندوق الضمان على تنفيذ مشروع كبير بهذا الحجم، وتقرر القيام بتقييم لقدرات وأداء صندوق الضمان قبل التعاقد معه لتنفيذ المشروع، وعليه قامت اليونيسف بإنزال مناقصة ربحتها شركة "مايسترال" الأمريكية لإجراء التقييم، مشيرة إلى أن الأخيرة كان لابد لها من شريك محلي لعمل التسهيلات وإجراء المقابلات مع المؤسسات والأشخاص داخل اليمن، وتم الإجماع على ان تقوم شركة "برودجي" بهذه المهمة لما هو معروف عنها من خبرتها الكبيرة وإدارتها الفاعلة وكادرها المؤهل، لتتعاقد شركة "مايسترال" مع شركة "برودجي" كشريك محلي وكان دور الشركة التنسيق للاجتماعات بين استشاريي "مايسترال" وإدارة صندوق الضمان عبر برنامج الزوم أو عبر إرسال الاستمارات الخاصة بالأسئلة للأطراف المعنية، منها بنوك وشركات الصرافة التي تقوم بصرف الحوالات النقدية الطارئة، وتم تنفيذ العمل بناء على تصاريح رسمية من الجهات المختصة، وبمشاركة عدة جهات حكومية معنية لتأتي نتائج التقييم التي عملتها شركة "مايسترال" بالشراكة مع "برودجي" لصالح صندوق الضمان الاجتماعي والذي تولى على ضوء ذلك مهمة تنفيذ مشروع الحوالات النقدية منذ ذلك التاريخ والذي أدخل إلى اليمن أكثر من 750 مليون دولار كعملة صعبة.
وذكرت المؤيد، أن "هذه التهمة ـ التعاقد مع مايسترال ـ تم تقديمها من الأمن والمخابرات والنيابة الجزائية ـ الخاضعة للحوثيين ـ وأوردها الادعاء بالتهم الموجهة في القضية، وهي كما لاحظتم واضحة وضوح الشمس لا تحتاج لجهد كبير لفهمها والتأكد من بطلانها".
بيانات سهلة الوصول
تعقيباً على الحكم والتهم التي أدين بها الحرازي، علق عبدالرحمن العابد وهو إعلامي بارز تابع لمليشيا الحوثي بالقول "لو كان عدنان الحرازي مُدان فعلاً ومتهم بالتخابر، فلماذا ساوموه في مرة ثانية وقالوا له: يغير تخصص شركته فقط ويخرجونه من السجن".
وأضاف العابد "أرادوا بذلك أن يقولوا للناس أنه مدان وقد تم عقابه حتى يخفون فعلتهم الشنيعة التي ارتكبوها بحقه وحق شركته وموظفيه".
وأشار العابد في منشور له على منصات التواصل الاجتماعي أنهم (الحوثيين) "لم يستطيعوا تقديم اتهامات ضده تقنعهم هم أنفسهم، ومع ذلك يصدر حكم لم يتصوره أو يتخيله أحد من المطلعين على القضية، حكم بإعدامه ومصادرة شركته"!!
وأضاف "كل الجلسات سارت لمصلحتهم، وجميع الاتهامات تم تقديم الأدلة التي تدمغها وتثبت بطلانها، المحكمة والنيابة بضغط جهاز المخابرات، تلاعبت وأخفت ادلة وغيرت أقوال ومنعت حضور الشهود بعد أن كانوا قد انكروا أنهم شخصيات حقيقية.. وآخرتها إعدام ومصادرة الشركة!!
الصحفي فؤاد النهاري علق على الحكم بالقول: "للتو أكملت قراءة قرار الاتهام الموجه للمظلوم عدنان الحرازي. وتتمثل تلك التهم في "توفير خرائط وبيانات جغرافية وديمغرافية إلى أخر ما ورد في القرار"، للأسف يكشف القرار قلة حيلة الظلمة، وضعف معلوماتهم وخبرتهم وبصيرتهم، مشيرا إلى أن "كل تلك البيانات متوفرة في الأساس في موقع الجهاز المركزي للإحصاء ومتاحة للجميع بيانات ومساكن وسكان، ويستطيع أي شخص الحصول عليها"<
وأضاف في منشور له على منصة فيسبوك، بأن "المنظمات الأممية ووكالات التنمية الدولية تتوفر لديها هذه المعلومات بشكل أكثر تفصيلا.. من خلال عدة جهات رسمية، أبرزها الصندوق الاجتماعي للتنمية، الذي يعمل مسوحات شاملة لطبيعة السكان وجميع الخصائص، والمعيشة، وحتى عدد الدجاج والأغنام والأبقار على مستوى كل قرية، وذلك ضمن مساعيه للحصول على دعم وتمويلات لمشاريعه في مختلف مناطق الجمهورية".
وأردف: "أما من حيث توفير خرائط توضح التضاريس والمحلات التجارية والمرافق الحكومية، فيبدو أن النيابة والمحكمة ليسوا مواكبين للتطورات التكنولوجية، حيث توفر خرائط جوجل وجوجل إرث كل هذه البيانات مجانا لكافة المستخدمين، وبإمكان أي مستخدم لهاتف ذكي الحصول على هذه الخرائط والأبعاد والتضاريس والمواقع"، مضيفا: أن "البيانات البيومترية والحيوية وأرقام التلفونات وحتى صور البطائق الشخصية، فمتوفرة لدى محلات الصرافة ولدى المنظمات التي تقوم بصرف المعونات الغذائية والنقدية لعدد واسع من أبناء الشعب اليمني بالملايين .... وحياتنا اليمنيين بشكل عام مكشوفة ومفضوحة ولا يوجد سر أصلا، وأما المنظمات التي تعامل معها الحرازي، فهي نفس المنظمات التي تتعامل معها السلطة.. لكن حلال لهم حرام لغيرهم!!".
وأكد النهاري أن "للحكم الجائر" أسباب أخرى غير ظاهرة، "محورها الأساس الرغبة في مصادرة شركات الرجل، لأسباب ظالمة وتافهة قد يكون أحدها أنه رفض تنفيذ رغبة أحد الهوامير!.
إدانات ومطالبات
ولقي الحكم الصادر ضد الحرازي، ردود استياء وإدانة واسعين في الأوساط الشعبية والحقوقية، إذ أدان العشرات من النشطاء والحقوقيين في بيان لهم الحكم بإعدام المهندس عدنان الحرازي، مطالبين بإلغاء حكم الإعدام ضد المهندس عدنان علي حسين الحرازي، وبإعادة شركة "برودجي سيستمز" وإعادة الموظفين إلى وظائفهم في الشركة.
المركز الأمريكي للعدالة أكد أن مليشيا الحوثي تستخدم القضاء لملاحقة الأفراد والخصوم السياسيين، في ظل صمت المجتمع الدولي الذي ساهم في تنامي الانتهاكات الخطيرة للمليشيا والتي من بينها أحكام الإعدام.
وأدان المركز الحقوقي في بيان له على منصة إكس، إصدار مليشيا الحوثي الإرهابية حكما بإعدام مدير شركة برودجي المختطف عدنان الحرازي.
ودعا المركز، المجتمع الدولي وأجهزته المتخصصة لسرعة التحرك والضغط على مليشيا الحوثي لوقف انتهاكاتها بحق الأفراد ووقف أحكام الإعدام الجائرة، مؤكدا على أهمية تفعيل دور الأجهزة القضائية الدولية في مواجهة قيادات وأفراد المليشيا المتورطين بتلك الممارسات الخطيرة.