صراع الميليشيات التابعة للإمارات يعصف بالوضع الأمني المرشح للانفجار بأي لحظة في عدن

مسلحين يتبعون ميليشيا الانتقالي في عدن
مسلحين يتبعون ميليشيا الانتقالي في عدن
تقارير

 استمرار الصراع المسلح بين الميليشيا المنضوية في إطار الحزام الأمني في عدن التابع للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن المدعوم من دولة الإمارات، يعصف بالوضع الأمني بين الحين والآخر، ويجعل من مدينة عدن بؤرة للمواجهات المسلحة بين أتباع الحزام الأمني إثر حدة الخلافات بين قيادته على المصالح المادية وتقاطع المصالح بين مهامهم الأمنية واستغلال نفوذ بعضهم في الاستيلاء على الممتلكات العامة والخاصة.

 

وقال مصدر سياسي جنوبي لـ«القدس العربي»: «دخلت محافظة عدن في دوّامة من الصراع الذي لا ينتهي بين الميليشيا التي تحترف الاقتتال فحسب ولا يضيرها سقوط قتلى وجرحى، حيث أصبحت الأرواح رخيصة وبلا ثمن في زمن الاقتتال الداخلي بين أتباع الميليشيا الواحدة».

 

وأوضح أن مكونات الميليشيا الجنوبية التابعة للمجلس الانتقالي قائمة على أساس مناطقي، وكل قائد وحدة أمنية يجنّد أتباعه من المنطقة التي ينتمي إليها لضمان ولائهم له وليس للمؤسسة الأمنية التي يفترض أن يعملوا لصالحها، «ولذا تجد المواجهات المسلحة تندلع بين الحين والآخر بين القيادات المختلفة حول بعض المصالح المادية، مثل السطو على الأراضي العامة والخاصة أو الاستحواذ على بعض المخصصات المالية».

 

واندلعت مواجهات مسلحة مساء أمس الأول الأربعاء، بين ميليشيا الحزام الأمني في منطقة الشيخ عثمان في محافظة عدن، بشكل أقلق السكينة العامة وحوّلها إلى ساحة حرب مفتعلة دون الاكتراث بأرواح السكان من المارة والمقيمين في هذا الحي المكتظ بالسكان.

 

وقال بلاغ صحافي صادر عن اللجنة الأمنية في محافظة عدن التي تسيطر عليها ميليشيا المجلس الانتقالي الجنوبي منذ آب/ أغسطس عام 2019، إن «اللجنة الأمنية تابعت بكل أسف الأحداث المسلحة التي دارت في مديرية الشيخ عثمان مساء الأربعاء الموافق 23 حزيران/يونيو للعام 2021، وأصدرت اللجنة الأمنية في العاصمة عدن قراراً قضى بتشكيل لجنة تحقيق وإحالة المتورطين بتلك الأحداث فوراً للتحقيق».

 

وأضاف: «إذ تؤكد اللجنة الأمنية حرصها على حياة المدنيين والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، تطمئن اللجنة الأهالي في مدينة الشيخ عثمان وعموم مديريات العاصمة (عدن) بأن الأمور باتت تحت السيطرة، وأنها لن تسمح بأي حال من الأحوال لأي كان بزعزعة الأمن والاستقرار في العاصمة عدن».

 

 

وعلمت «القدس العربي» من مصدر جنوبي أن الصراع المسلح في محافظة عدن غالباً ما يندلع بين ميليشيا تابعة للقيادات السياسية العليا في المجلس الانتقالي، حيث توالي بعض وحدات الميليشيا رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي، فيما توالي ميليشيات أخرى مدير الأمن السابق شلال شايع، في إطار الصراع السياسي على النفوذ بينهما.

وأوضح أن قوات العاصفة توالي عيدروس الزبيدي، فيما تعد قوات الطوارئ المنضوية في إطار أمن عدن من القوات الموالية لشلال شايع، كما تعد ميليشيا الدعم والإسناد محسوبة على منطقة يافع بحكم أن أغلب المنضوين فيها ينتمون إلى هذه المنطقة في محافظة لحج.

 

وانعكس هذا الصراع السياسي بين القيادات العليا للمجلس الانتقالي، وهو ما ألقى بظلاله السلبي على اللجنة الأمنية التي أصبحت منقسمة بين الجانبين، حتى أن بيان اللجنة الأمنية نشره سكرتير محافظ عدن ولم ينشر في الصفحات الرسمية للأجهزة الأمنية هناك.

 

ونسبت مصادر محلية في عدن إلى قائد القطاع الأمني الثامن المسيطر على منطقة الشيخ عثمان، قوله إن «مدينة الشيخ عصية لن يستطيع أن يدخلها أحد، لا كبير ولا صغير» في إشارة إلى أنها منطقة خاصة به ومغلقة عليه، ولن يسمح بدخول أي ميليشيا أخرى إليها.

 

وأضافت أن هذا القول نابع من واقع على الأرض، وهي أن كافة مناطق محافظة عدن مقسمة بين قيادات وحدات الميليشيا التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يقدم نفسه كسلطة أمر واقع هناك، وذلك كمناطق خاصة بهم ولا سلطة لأحد عليها غيرهم.

 

وأوضحت أن مناطق محافظة عدن مقسمة بين هذه الميليشيا على النحو التالي: «مناطق جنوب عدن، التواهي، المعلا، كريتر وخورمكسر تقع تحت سيطرة قوات العاصفة وأمن عدن وقوات الطوارى وتقع تبعية هذه القوات لمدير أمن محافظة عدن السابق شلال شايع».

 

وأكدت أن «شمال محافظة عدن ابتداء بمنطقة البريقة مروراً بالشعب والمنصورة، وانتهاء بمنطقة دار سعد، فهي تقع تحت سيطرة الدعم والإسناد والحزام الأمني، التي توالي رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي».

 

وأشار إلى أنه «بعد تقاسم جنوب مدينة عدن وشمالها بين هذين الطرفين، بقيت الشيخ عثمان الواقعة في شمال المدينة هي المنطقة الوحيدة التي لا تخضع لسيطرة أي من الطرفين المسيطر على شمال عدن، ولهذا حصلت مواجهات اليوم ولم يكن مجرد حدث عرضي، وإنما هو صراع من أجل إكمال السيطرة على شمال المدينة».

 

وحذرت من الانعكاسات السلبية على الوضع الأمني في محافظة عدن واحتمالية اندلاع مواجهات مسلحة واسعة النطاق مستقبلاً جراء هذا التقاسم بين قوتين عسكريتين، والدفع بها نحو فوهة بركان قابل للانفجار في أي لحظة، «حيث يعني أن أي خلاف قد يحدث بين الطرفين، قد يعني أننا سنرى صداماً مسلحاً. ولا نرى أي مؤشرات لإمكانية تفادي الصدامات المسلحة مستقبلاً، ولا حتى إمكانية لتوحيد ودمج قوات الطرفين».

 

وكانت ميليشيا تابعة لإدارة أمن عدن اقتحمت، الثلاثاء، مبنى مصلحة الهجرة والجوازات في مديرية كريتر، المدينة القديمة لمحافظة عدن، أثناء الدوام الرسمي والتي ضمت أطقماً عسكرية والعشرات من المسلحين، وانتشرت في المكان وأجبرت الموظفين والمعاملين على مغادرة المبنى وأغلقته، والتي تأتي في إطار الصراعات المسلحة بين أجنحة المجلس الانتقالي والميليشيا المتعددة الولاءات لقياداته، والتي شهدت محافظة عدن في ظل سيطرته عليها عمليات اقتحام لمقار المؤسسات الحكومية ومقار الوزرات في إطار الصراعات البينية وتصفية الحسابات بين خصوم الكيان الواحد.