الوفد العُماني يعود بخفّي حنين من صنعاء إثر رفض الحوثيين مبادرة السلام الأممية

تقارير

ذكرت مصادر حوثية أن وفد المكتب السلطاني لسلطنة عمان غادر العاصمة اليمنية صنعاء، أمس الجمعة، بعد أسبوع من وصوله إليها، شهد خلالها مباحثات مكثفة مع القيادات الحوثية العليا وفي مقدمتها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، دون التوصل إلى نتائج تذكر بشأن المبادرة الأممية التي دخلت سلطنة عمان في اللحظات الأخيرة لإنقاذ الموقف بعد أن عجز مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، طوال السنتين الماضيتين، بإقناعهم بها.

وقال كبير المفاوضين الحوثيين والناطق الرسمي باسم الجماعة، محمد عبد السلام، قبيل إقلاع الوفد العماني من مطار صنعاء: «نعود اليوم إلى سلطنة عمان لاستكمال هذه النقاشات ودعم الجهود التي تبذلها السلطنة» وأوضح أن الوفد الحوثي المفاوض سيستكمل نقاشاته لمبادرة السلام مع المجتمع الدولي لـ»الوصول إلى ما يمكن أن يؤدي إلى حل».

وأوضح في تصريح بثته قناة «المسيرة» لسان حال الحوثيين، أن لقاءات وفد المكتب السلطاني العمامي شملت عبد الملك الحوثي ورئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، ورئاسة الأركان العامة ولجنة التنسيق وإعادة الانتشار في الحديدة، وأن هذه اللقاءات ناقشت الأوضاع المختلفة في البلاد. وأضاف أن مسؤولي جماعة الحوثية «قدموا للوفد العماني التصور الممكن لإنهاء العدوان ورفع الحصار المفروض على اليمن بدءاً من العملية الإنسانية» مشيراً إلى أن التصور الحوثي «ركّز على العملية الإنسانية وما تتطلبه من خطوات لاحقة تؤدي إلى الأمن والاستقرار في اليمن ودول الجوار».

وكانت هذه الجهود العمانية محاولة أخيرة للتوصل إلى نقاط التقاء مع جماعة الحوثي بشأن مبادرة الأمم المتحدة، لإبرامها مع الحكومة الشرعية قبيل رحيل مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث عن مهمته هذه في اليمن قريباً بعد أن تم تعيينه رئيساً للشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة.

ويعد غريفيث ثالث مبعوث للأمم المتحدة إلى اليمن يفشل في التوصل إلى إبرام اتفاقية سلام بين الحوثيين والحكومة الشرعية في اليمن برئاسة عبد ربه منصور هادي، منذ اندلاع الحرب بين الجانبين نهاية العام 2014، عقب سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء واضطرار الرئيس هادي وحكومته الفرار للخارج وإدارة شؤون الدولة من العاصمة السعودية الرياض.

وقام غريفيث منذ مطلع العام 2020 بإجراء نقاشات مستفيضة مع الجانبين، الحكومي اليمني وجماعة الحوثي، بالإضافة إلى اللاعبين الإقليمين والدوليين بشأن مبادرة السلام في اليمن التي تبنتها الأمم المتحدة، ودعمتها مؤخراً الولايات المتحدة بقوة، والتي عينت على إثرها مبعوثاً أمريكياً خاصاً إلى اليمن لأول مرة، وهو السيد تيم ليندر كينغ، ولكن كل هذه الجهود باءت بالفشل أمام إصرار الحوثيين على مواقفهم المتصلبة، التي يرفضون حيالها تقديم تنازلات من أجل التوصل إلى نقاط التقاء مع الحكومة الشرعية بشأن إحلال السلام ووقف الحرب في اليمن. وتزامنت زيارة الوفد العماني لصنعاء مع قصف حوثي مكثف على الأحياء المدنية لمدينة مأرب، والتي سقط خلالها العشرات من القتلى والجرحى، أغلبهم من المدنيين، في عملتين منفصلتين تعدان الأسوأ منذ بداية العام على الأحياء السكنية في مأرب، بالإضافة إلى التصعيدات العسكرية الحوثية في مختلف جبهات المواجهات مع القوات الحكومية، والتي أعطت انطباعاً عاماً بعدم اكتراثها بجهود إحلال السلام، أو أنها تريد تحقيق أي اختراق في اتجاه مدينة مأرب التي استعصت عليها منذ العام 2014.

وقصفت ميلشيا جماعة الحوثي الأحياء السكنية في مدينة مأرب مرتين خلال أقل من أسبوع بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، آخرها مساء أمس الأول، والتي استهدفت مسجداً وسجناً للنساء، أسفر عن وقوع نحو 35 قتيلاً وجريحاً من المدنيين بينهم نساء، في حين استهدفت علمية قصف مزدوجة للحوثيين بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة مطلع الأسبوع محطة وقود في الحي الشمالي لمدينة مأرب المكتظ بالنازحين، ذهب ضحيتها أكثر من 20 قتيلاً بينهم أطفال وضعفهم من المصابين.

إلى ذلك، أكدت الحكومة اليمنية أن استمرار ميليشيا جماعة الحوثي في استهداف المدنيين في مدينة مأرب بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة المفخخة تعد استهتاراً كبيراً بالجهود التي تبذل لوقف الحرب وإحلال السلام في اليمن.

وقالت وزارة الخارجية اليمنية في بيان رسمي: «إن الحكومة اليمنية إذ تؤكد أن السلام الحقيقي لا يأتي بالرغبات والأماني، بل بالمواقف المسؤولة، وإذ تؤكد مجدداً موقفها المعلن المساند والمؤيد للمبادرة السعودية وتعتبرها كلاً لا يتجزأ».

وأوضحت أن وقف إطلاق النار ووقف استهداف المدنيين من الرجال والنساء والنازحين والأطفال والتوقف عن إطلاق الصواريخ والطيران المسيّر على المنشآت المدنية في مدينة مأرب التي تتعرض لأبشع الجرائم الإنسانية ضد المدنيين «تأتي في الوقت الذي يبذل كل العالم جهوداً كبيرة لإنهاء الحرب ومع وجود الوساطة العمانية المقدرة في صنعاء، وهو مايمثل استهتاراً كبيراً بهذه الجهود لوقف الحرب وإنهاء الهجوم المتوحش على مدينة مأرب وبقية محافظات الجمهورية، إن وقف إطلاق النار شأن ومطلب إنساني باعتبار أن احترام حق الحياة للناس جميعاً هو أصل العمل الإنساني وجوهره».

وأضافت: «إن فتح الطرقات وضمان حرية الحركة للمواطنين ورفع الحصار عن المدن وعلى رأسها المدينة العظيمة تعز، يقع في قلب القضايا الإنسانية، وهو من القضايا الأساسية التي تضعها الحكومة في مقدمة أولوياتها».

وكشفت الحكومة اليمنية أن ميليشيات الحوثي «ترفض فتح مطار صنعاء إلا بشروطها، وأن الحكومة اليمنية قدمت تنازلات كافية وضامنة للسفر الآمن لكافة اليمنيين وليس لتحويل هذا المطار لمنفذ خاص لتقديم الخدمات الأمنية والعسكرية واستقدام الخبراء للحوثيين».