بعد تفشى الوباء بصورة مرعبة خلال أسابيع.. هل يصبح اليمن بؤرة لفيروس كورونا؟

تقارير

تشهد اليمن حالة من الغموض وتسيس الأوضاع في ما يتعلق بمعدلات الإصابة والوفيات بجائحة كورونا، حيث أن التكتم سيد الموقف في حكومة "الحوثيين" بصنعاء، يقابله اعتراف خجول من الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا.. فما حقيقة ما يجري خلال الأسابيع الماضية؟

يرى مراقبون أن كل الدلائل تشير إلى ارتفاع عدد الإصابات وحالات الوفاة غير معروفة الأسباب، وهذا يؤشر على أن موجة جديدة من كورونا تجتاح اليمن في ظل نظام صحي شبة معدوم.

وحتى مطلع مارس/آذار الماضي، كان اليمن واحدا من أقل البلدان تأثرا بكورونا، من حيث عدد الحالات المسجلة، إذ تراجعت وتيرة تفشي الفيروس لأشهر طويلة، لكن الجائحة فاجئت الجميع على ما يبدو ولم تستطع الجهات الرسمية كتمان الواقع بعد أن امتلأت مراكز العزل الصحي المحدودة ورفضت العديد من المستشفيات استقبال حالات الإصابة.

انهيار المنظومة القيادي في الحراك الثوري الجنوبي عبد العزيز قاسم المآني يقول، إن "الواقع الذي نعيشه في ظل الحرب جعل كل شيء يتم تفسيره سياسيا، فرغم انتشار الوباء ووجود إصابات كثيرة وحالات وفاة، فإن الملفت في الشأن اليمني نظرا لانهيار المنظومة الصحية وغياب الرعاية، فإنك تجد المواطن يتعاطى مع جائحة كورونا بنوع من اللامبالاة وعدم الاكتراث، لأنه يرى أن الخوف أو عدمه لن يؤخر أو يقدم في شيء".

وأضاف المآني، الكثير من الناس يرى أن الخوف من الجائحة أو عدمه لن يحل المشكلة، أي أن الكثير وصل إلى مرحلة اليأس والاستسلام للمشيئة الإلهية، رغم وجود بعض الاحتياطات الخاصة لديه، وأصبحت الحياة تسير بصورة اعتيادية في الوقت الراهن، عكس ما كان يحدث في بداية جائحة كورونا، حيث كانت الاحتياطات والإجراءات الاحترازية إلى حد ما مقبولة.

يأس شعبي أما ما يتعلق بالوضع الصحي الراهن فيؤكد القيادي الجنوبي المآني، أن الوضع الصحي مفقود ولا تتوفر أبسط الإمكانيات الأولية مثل أسطوانات الأكسجين والكمامات التي لا يرتديها غالبية المواطنين، وصار الناس لا يكترثون بالوباء بسبب فقدان الأمل في الجهات المسؤولة، فقد شهد اليمن في المرحلة الأولى من الوباء أقل نسب للإصابة في العالم، وأعتقد أن استفحال الوضع في نفس توقيت العام السابق له أكثر من تفسير واجتهاد، فالدوائر الرسمية والمكونات السياسية توظف هذه الجائحة سياسيا، رغم وجود الوباء بالفعل وحدوث وفيات.

وأوضح قاسم أن

"الوضع بات طبيعيا بالنسبة لليمنيين في ظل تلك الأوضاع التي تفسر كل شيء سياسيا وممنهجا من قبل مراكز نفوذ عالمية، وأصبح الوباء مجالا للتراشق السياسي بين أطراف الصراع في البلاد".  إحصائية وفقا للإحصائيات الحكومية الرسمية، تم تسجيل أكثر من 1250 حالة إصابة جديدة بكوفيد-19 و140 حالة وفاة خلال ثلاثة أسابيع في مارس/آذار الماضي، وهو ما يساوي نحو ثلث إجمالي الإصابات المسجلة رسميا، منذ مطلع العام 2020، في وقت ترجح فيه المصادر الطبية، أن يكون العدد الفعلي، أعلى بكثير، حيث يرفض الغالبية من المصابين التوجه للمراكز الصحية المخصصة، المحدودة في الأصل.

وفي الأسبوع الأخير من الشهر الماضي أصدرت "اللجنة العليا للطوارئ لمواجهة فيروس كورونا"، التابعة للحكومة الشرعية تعليمات جديدة وتوجيهات تتضمن إجراءات احترازية، للحد من تفشي الوباء، وشملت التوجيهات، إعلان الطوارئ الصحية في كل المحافظات ورفع الجاهزية في المراكز الصحية والمستشفيات، وتوجيه السلطات المحلية بإغلاق القاعات والنوادي وصالات الأفراح، وتنظيم الأسواق والمولات وتقليص مدة عملها، بالإضافة إلى إلزام كافة المؤسسات الرسمية الحكومية والمحلية بتعليق كافة الأنشطة الجماهيرية والاحتفالات والفعاليات الرسمية غير الضرورية، وصولا إلى تفعيل قرار حظر التجوال الجزئي بحسب تقديرات السلطات المحلية في المحافظات، وغيرها من الإجراءات.

إلزم بيتك من جانبه، قال الدكتور ماجد عويس المشرف على المحاجر الصحية التابعة للجنة الإنقاذ الدولية في محافظة الضالع اليمنية، إنهم أطلقوا في المرحلة الأولى للوباء مبادرة توعية للمواطنين تحت اسم "إلزم بيتك"، وهي عبارة عن مبادرة شبابية تطوعية أطلقتها مؤسسة انقاذ للتنمية الإنسانية للتثقيف ونشر الوعي الصحي بين أوساط المجتمع ولا سيما في محافظة الضالع التي تفتقر لأبسط مقومات الحياة، بعد الحصار الذي فرض على هذه المحافظة من مختلف الجوانب وأهمها الحرب الظالمة.

وتحدث عويس، عن الغياب الكلي للمنظومة الصحية الرسمية في محافظة الضالع، علاوة على الوضع البيئي الذي يتسبب في الكثير من الأوبئة، فالمجاري تغرق المحافظة وأكوام القمامة مكدسة في كل أزقة وشوارع المحافظة، ومن هذا المنطلق وتزامنا مع ظهور فيروس كورونا المستجد في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2019 في مدينة ووهان الصينية، وانتشاره إلى العديد من الدول بصورة مقلقة جدا مخلفا العديد من الإصابات والوفيات، حيث عجزت عن التصدي لهذا الفيروس دول عظمى صاحبة أفضل نظام صحي على مستوى العالم.

وأوضح  المشرف على المحاجر الصحية، بأنهم على تواصل مستمر مع مكتب الصحة بالمحافظة ومتابعين عن كثب تلك الأعمال التي تبذل من قبل المكتب ممثلة بالدكتور محمد علي عبدالله الدبش مدير عام مكتب الصحة بالمحافظة لفتح محاجر صحية لعزل الحالات وتجهيزها بالأثاث والمعدات والمستلزمات الطبية لاستقبال الحالات في حال ظهورها، بجانب القيام بالعديد من الدورات التدريبية لموظفي مكاتب الصحة بالمديريات والمحافظة، وتجهيز كافة الطواقم الصحية في مداخل المحافظة والقيام بكافة الإجراءات الاحترازية للاستعداد لأي طارئ.

ووفقا للأمم المتحدة، لا يزال الوضع في اليمن يشكل أسوأ كارثة إنسانية في العالم، ويحتاج ما يقرب من 80 في المئة من السكان إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية، وذلك في ظل الحرب الدائرة بين جماعة "أنصار الله" وبين التحالف العربي بقيادة السعودية الذي يدعم الحكومة اليمنية في مسعاها لاستعادة الأراضي التي سيطر عليها الحوثيون منذ 2015.