تُعرف الذكورية بأنها مجموعة من الأفكار والقيم والسلوكيات التي ترتبط بالرجال، وقد اتخذت الذكورية أشكالًا عديدة عبر التاريخ، منها الذكورية السلبية التي تتسم بالعدوانية والاستبداد، ومنها الذكورية الإيجابية التي تتسم بالعدالة والمساواة والنظرة الإيجابية للمرأة بأنها مكتملة وشريكة للرجل في مراحل الحياة المختلفة.
ويلعب المؤثرون دورًا مهمًا في تعزيز الذكورية الإيجابية، وذلك من خلال نشر الوعي بأهمية المساواة بين الجنسين، ودعم القيم الإنسانية النبيلة، ومواجهة أشكال الذكورية السلبية، ولذا كان من الأهمية بمكان تسليط الضوء على هذه الزاوية المهمة والتي تعد في مجتمعاتنا العربية واليمن واحدة من أهم عوائق الحصول على حقوقها وفرصها المختلفة.
من أهم أدوار المؤثرين في تعزيز الذكورية الإيجابية هو نشر الوعي بأهمية المساواة بين الجنسين، وذلك من خلال تسليط الضوء على القضايا المتعلقة بالمساواة بين الجنسين، مثل العنف ضد المرأة، والتمييز على أساس الجنس، وعدم المساواة في الأجور، وحصولها على فرص متساوية في مواقع صنع القرار، لا سيما وأن المرأة أثبتت جدارتها وقدرتها على الخوض في كافة المجالات بكل كفاءة،خاصة أن الظروف الحالية لمجتمعنا والمتأثرة بالحرب جعلت المرأة شريكة فاعلة في كل أمور الحياة وأتاحت لها الخوض في كافة مجالات الحياة العملية، وتقبل المجتمع تواجدها في مواقع العمل المختلفة التي كان لا يتقبلها سابقاً بفعل الموروث الثقافي الذي نمّط أدوارها بمهام أسرية وبعض المهن المتقبلة اجتماعياً، كمعلمة وطبيبة.
ويمكن للمؤثرين العمل على تعزيز الذكورية الإيجابية من خلال إنشاء محتوى تعليمي أو ترفيهي يتناول هذه القضايا، أو من خلال المشاركة في الحملات والمبادرات التي تدعو إلى المساواة بين الجنسين، كما يمكنهم دعم القيم الإنسانية النبيلة، مثل العدالة، والرحمة، والاحترام، والتقبل ، وإتاحة المجال للجميع بأنهم شركاء في هذا الوطن، ويمكنهم القيام بذلك من خلال سلوكهم في الحياة اليومية، أو من خلال نشر محتوى يدعو إلى هذه القيم، خاصة أن وسائل التواصل الاجتماعي اليوم تلعب دور كبير في تشكيل الوعي من خلال المؤثرين المتواجدين في هذا الوسط الإعلامي الجديد.
ومن المهم أيضًا أن يواجه المؤثرون أشكال الذكورية السلبية، أهمها العنف ضد المرأة، ونبذ الخطاب الديني المأزوم الذي يحرض على سلب المرأة لحقوقها وامتهان كرامتها باسم الدين و الموروث العقيم الذي جعلنا في ذيل مؤشرات التنمية العالمية والتي تراعي النوع الاجتماعي في كافة مراحلها المختلفة، ويمكن للمؤثرين التحدث علانية ضد هذه الممارسات، أو من خلال دعم المنظمات التي تعمل على القضاء عليها.
كما يمتلك المؤثرون قدرة كبيرة على الوصول إلى جماهير واسعة، مما يجعلهم أداة فعالة في تعزيز الذكورية الإيجابية. وقد أثبتت الدراسات العلمية أن التعرض للمحتوى الإعلامي الذي يروج للقيم الإنسانية النبيلة، مثل العدالة، والرحمة، والاحترام، يمكن أن يؤدي إلى تغيير السلوكيات وتعزيز الأفكار الإيجابية.
ومن أجل تعزيز دور المؤثرين في تعزيز الذكورية الإيجابية في المجتمع من المهم تدريب المؤثرين على كيفية تناول القضايا المتعلقة بالمساواة بين الجنسين والقيم الإنسانية النبيلة، ودعم المؤثرين الذين يساهمون في تعزيز الذكورية الإيجابية، وإنشاء بيئة داعمة للمؤثرين الذين يرغبون في التحدث ضد أشكال الذكورية السلبية.
• أستاذة علم الاجتماع المشارك بجامعة تعز.