أي إرهاب عاشه هذا الصحفي قبل اغتياله؟
تخيل أن تكون مهدداً من قبل كيان يملك ترسانة نووية
ومزودا بأحدث التقنيات وبرامج التجسس،
وتستخدم قوات هذا الكيان كل أدوات القتل، ومنها القنابل المحظورة وغير المتناسبة التي تحدث دماراً واسعاً
والمسيرات والروبوتات المتفجرة، والقناصات، والمدافع...
يملك ما لا يخطر على بال من الأسلحة ولا يملك ذرة أخلاق.
وأنت تعيش محاصراً في مساحة جغرافية تتقلص كل يوم.. مهدداً بشكل مباشر باسمك وصفتك من هذا الكيان لأنك صحفي، وسلاحك القلم والكاميرا.
هذا ما كان يعيشه الصحفي الفلسطيني حسن إصليح، فعلياً، في قطاع غـ*ـزة، قبل اغتياله بالأمس.
تبدأ قصة إصليح منذ 7 أكتوبر 2023، عندما وصل بعد ساعة ونصف من عملية الطوفان مع المدنيين، إلى مستوطنات غلاف غـ*ـزة، وتصور بعض اللقطات، لينشرها في حساباته، وبعدها تفرغ لتوثيق جرائم الإبادة التي ترتكبها قوات الاحتلال الاسراطيلي، كان أحد الصحفيين الشجعان الذين يتحركون بسرعة في الميدان لتوثيق المجازر ونشرها في حساباته على شبكة التواصل، حضوره هذا جعله يحظى بتفاعل واسع من الجمهور المحلي والأجنبي ووسائل الإعلام داخل فلسطين وخارجها.
نشاطه اللافت وشعبيته المتزايدة، أزعجت الكيان الهش، الذي بدأ بشن حملة تحريضية ضده، كتب إصليح: «أتعرض لحملة تحريض كبيرة على وسائل الاعلام العبرية وذلك بعد تغطيتي الحرب المتواصلة على غـ*ـزة.. وإنني إزاء هذا التحريض الإعلامي الممنهج، أحمل الجهات المعنية المسؤولية.. وأحذر من استهداف الأطقم الصحفية ووكالات الأنباء العاملة والمحلية في قطاع غـ*ـزة».
بدا التحذير عادياً، ذلك أن الجيش الغاشم يقتل الصحفيين بلا هوادة ولا حملات تحريض، وحتى الآن فاق عدد الصحفيين الذين قتلهم في غـ*ـزة ، أعداد الصحفيين الذين قُتلوا في حروب كبرى مجتمعة: من بينها الحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام وحرب الكوريتيين.
أن يستهدفك عدو مشبع بالإجرام للحد الذي يقتل فيه أكثر من 50 ألف، ويمنع دخول المساعدات المنقذة للحياة ووصول المواد الغذائية الضرورية لأكثر من مليوني إنسان، فهو يميزك بإرهابه كإنسان مستقل عن البقية. ربما لم ينظر أحد للتحذير الذي كتبه إصبيح حينها، لأن الأمر لم يكن رسمياً حتى بعد المجزرة المروعة في إبريل الماضي.
في 7 أبريل، شنّت قوات الاحتلال هجوماً وحشياً دون سابق إنذار على خيمة معروفة للصحفيين قرب مجمع ناصر الطبي. أسفر الهجوم عن مقتل الصحفي حلمي الفقعاوي والشاب يوسف الخزندار، وإصابة عدد من الصحفيين بينهم أحمد منصور الذي احترق جسده وتوفي لاحقاً متأثراً بجراحه، ورغم إصابته "إلا أن الصحفي حسن إصليح نجا من الموت بأعجوبة" كما وصف زملاؤه.
عقب الهجوم، نشر المتحدث باسم قوات الاحتلال أفيخاي أدرعي، يياناً أقر فيه بأن جيش الاحتلال بالتعاون مع الشاباك اشتركا في العملية التي كانت تستهدف "حسن إصليح" بسبب تغطيته أحداثاً من 7 أكتوبر 2023 ونشرها في شبكات التواصل الاجتماعي، وفي البيان ودون تقديم أدلة، زعم الاحتلال بإن إصليح ينتمي للمقاومة ووصفه بالمخرب الذي يعمل تحت غطاء الصحافة وصاحب شركة إعلامية.
البيان الفاضح كشف عن حجم الإرهاب الذي يمارسه الاحتلال "الجيش والشا*باك" بما يملكان من قوة تدميرية ضد صحفي أعزل، وقد علق إصليح كما نشر أحد أصدقائه بعد اغتياله مقطعا صوتياً يوثق ما دار في 7 أكتوبر:
"وصلت إلى الحدود الشرقية لغزة بعد أكثر من ساعة ونصف من بدء الأحداث، وقد صدمت مثل باقي المدنيين " وأضاف: "لماذا يُسمح للصحفيين الإسرائيليين بتغطية عمليات التوغل في غزة، بينما يمنع الصحفيين الفلسطينيين من القيام بذلك؟!".
يوم الثلاثاء 13 مايو/أيار الجاري، وبينما كان حسن إصليح يتلقى العلاج من إصابته في محاولة الاغتيال التي تعرض لها في إبريل، أطلقت طائرة مسيرة صاروخاً على قسم الحروق في المجمع الطبي، تحديداً الغرفة التي كان إصليح يتلقى فيها العلاج. وأدى القصف المتعمد إلى مقتل الصحفي الفلسطيني وإصابة آخرين، إضافة إلى تدمير قسم الحروق بشكلٍ كبير.
وقد أكد جيش الاحتلال المزود بأحدث الأسلحة وأحدث التكنولوجيا ببيان رسمي أنه قام بالتعاون مع الشاباك بتصفية صحفي أعزل اسمه حسن اصليح، بصاروخ على سرير المستشفى، وأذاع البيان كأنه بيان نصر حقير!.