شهد رئيس مجلس الوزراء، سالم صالح بن بريك، اليوم الثلاثاء بالعاصمة المؤقتة عدن، الاحتفال باليوم العالمي للسكان لعام 2025، الذي نظمه المجلس الوطني للسكان بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، تحت شعار: "تمكين الشباب من تكوين الأسر التي يريدونها في عالم عادل ومفعم بالأمل".
وفي كلمته خلال الحفل، نقل رئيس الوزراء تحيات فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وأعضاء المجلس، مشيدًا بالاهتمام الكبير الذي يولونه لدعم جهود الحكومة في التعامل مع القضية السكانية كمسؤولية وطنية مشتركة، توازن بين النمو السكاني والتنمية المستدامة.
وأكد بن بريك أن الاحتفال بهذه المناسبة السنوية يسلط الضوء على أهمية الاستثمار في الإنسان باعتباره الثروة الحقيقية والركيزة الأساسية للتنمية المستدامة والنهضة الشاملة، مشددًا على ضرورة تعزيز الوعي بالقضايا السكانية والصحية والأسرة.
وقال: "إن بناء الدولة يبدأ من رعاية المواطن وحماية حقوقه وحرياته، وضمان حصوله على التعليم، والصحة، والعمل، والحياة الكريمة."
وأشار إلى أن اليمن يتمتع بميزة تنموية كبيرة تتمثل في التركيبة السكانية الشابة، التي تضم نحو 12 مليون شاب وشابة في الفئة العمرية من 15 إلى 29 عامًا، معتبراً أن الاستثمار في هذه الطاقات هو مفتاح لتحقيق التنمية المستدامة، عبر توفير التعليم النوعي، والرعاية الصحية الشاملة، وفرص العمل، ليصبح الشباب قوة فاعلة في دفع عجلة الاقتصاد والمجتمع.
وتطرق رئيس الوزراء إلى الظروف الاستثنائية التي تعيشها اليمن جراء الحرب وتداعياتها الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية، والتي أثرت سلبًا على الأمن الغذائي، والخدمات الصحية، والتعليم، وفرص العمل، فضلاً عن النزوح الداخلي وارتفاع معدلات الفقر والبطالة. لكنه أشاد بصمود الشعب اليمني وقدرته على مواجهة هذه الأزمات، مؤكداً على مسؤولية الحكومة في مضاعفة الجهود لتلبية احتياجات المواطنين وبناء مستقبل أفضل.
ودعا بن بريك المؤسسات الحكومية إلى مراجعة أولوياتها بشكل مستمر لتواكب التحديات الراهنة، مشددًا على أهمية اعتماد بيانات سكانية دقيقة كأساس لإعادة ترتيب السياسات والبرامج الوطنية بما يتناسب مع الأوضاع المتغيرة، خاصة في ظل الحروب، والاضطرابات الاقتصادية، والتغيرات المناخية، لضمان صياغة سياسات واقعية وقادرة على مواجهة التحديات وتحقيق التنمية المستدامة.
وأكد أن الحكومة تولي اهتمامًا خاصًا للسياسات السكانية والتنموية، مدركة الترابط الوثيق بين النمو السكاني والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، مشيرًا إلى أن التخطيط السليم للموارد، وتحسين الخدمات الأساسية، وتمكين المرأة والشباب، وتعزيز الصحة الإنجابية، هي أولويات وطنية لا غنى عنها لتحقيق التوازن بين النمو السكاني ومتطلبات التنمية.
وجدد رئيس الوزراء التزام الحكومة بالعمل مع الشركاء المحليين والدوليين لوضع سياسات وبرامج تراعي البعد السكاني وتفتح آفاقًا أوسع للاستثمار في رأس المال البشري بما يتوافق مع أهداف التنمية المستدامة 2030، داعيًا المجتمع الدولي إلى مواصلة دعم اليمن في هذا المسار عبر بناء القدرات، ودعم برامج الصحة والتعليم، وتمكين الفئات الأكثر ضعفًا، لا سيما النساء والأطفال والشباب.
وختم كلمته بتوجيه الشكر للمجلس الوطني للسكان على تنظيم الفعالية بالشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، مثمنًا جهود الصندوق في تعزيز التعاون مع الحكومة، ومؤكدًا أهمية استمرار هذا التعاون لخدمة قضايا السكان والتنمية في اليمن. كما أشاد بجميع الشركاء في المنظمات الدولية والإقليمية والوطنية، مشددًا على أن الحكومة ستظل شريكًا فاعلاً في كل ما يعزز صمود المواطن اليمني ويبني مستقبلًا مزدهرًا للأجيال القادمة.
من جانبه، أكد وزير الصحة العامة والسكان، الدكتور قاسم بحيبح، أن اليوم العالمي للسكان يمثل فرصة لتقييم الواقع الديموغرافي في اليمن وإطلاق رسائل تعكس التحديات السكانية والإنسانية والتنموية، خاصة فيما يتعلق بالشباب الذين يشكلون أكثر من 60% من السكان. وتناول بحيبح تأثير الحرب المستمرة منذ عشر سنوات على الأوضاع الإنسانية والصحية، ودور الشباب في القطاع الصحي والتنمية السكانية.
ودعا إلى إطلاق برامج وطنية لدعم الشباب، وتوسيع شراكات وزارة الصحة مع الجامعات والمنظمات المحلية والدولية، ودمج البعد السكاني في الخطط التنموية الوطنية والمحلية، بالإضافة إلى بناء حملات مجتمعية يقودها الشباب للتركيز على أهمية التخطيط الأسري والصحة الإنجابية كجزء من الحقوق الإنسانية.
من جهته، أكد أمين عام المجلس الوطني للسكان، الدكتور نجيب الحميقاني، على أهمية الاستثمار في الشباب لمواكبة التحولات العالمية وبناء مستقبل مستدام، مشيرًا إلى أن السياسة السكانية في اليمن تقوم على قيم وثوابت مجتمعية منصوص عليها في الدستور والمواثيق الوطنية.
من جانبها، نوهت ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن، انشراح أحمد، بأهمية إحياء فعالية اليوم العالمي للسكان وإطلاق تقرير حالة سكان العالم 2025، مشيرة إلى أهمية التركيز على واقع اليمن وضرورة دعم الشباب من خلال توفير التعليم وفرص العمل للحد من البطالة. وأكدت أن تمكين الشباب وتوسيع نطاق الخدمات الصحية والتعليمية والعمل يعدان من الخطوات الجوهرية لمستقبل اليمن، مع حرص الصندوق على استمرار جهوده لتعزيز البيانات السكانية لضمان فاعلية التدخلات في دعم السكان، لا سيما الشباب.
وشهدت الفعالية حضور عدد من أعضاء مجلس النواب، ووزيري الشباب والرياضة والإدارة المحلية، ومدير مكتب رئيس الوزراء، ونواب ووكلاء عدد من الوزارات، بالإضافة إلى ممثلي البعثات الدبلوماسية والمنظمات الأممية والدولية والمحلية. كما تم عرض تقرير عن أنشطة الأمانة العامة للمجلس الوطني للسكان، وتقرير حالة سكان العالم لعام 2025 الصادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان.