يحلّ العيد الوطني للوحدة اليمنية هذا العام في 22 مايو 2025، واليمن ما يزال غارقًا في واحدة من أعقد الأزمات السياسية والإنسانية في تاريخه الحديث، حيث تتقاطع الاحتفالات الرمزية بهذا الحدث التاريخي مع واقع مرير يشهد انقسامًا سياسيًا وميدانيًا حادًا يهدد أساسات الوحدة نفسها التي تحققت قبل 34 عامًا.
■ ذكرى تاريخية
تعود مناسبة العيد الوطني إلى 22 مايو 1990، حين أُعلنت الجمهورية اليمنية بقيادة الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، ونائبه علي سالم البيض بعد توحيد شطري اليمن الشمالي والجنوبي.
وقد اعتُبر ذلك اليوم انتصارًا للنضال الوطني الطويل وحلم أجيال متعاقبة من اليمنيين في جنوب البلاد وشمالها، إذ مثّلت الوحدة آنذاك بارقة أمل لدولة مدنية موحدة ومستقرة.
■ احتفالات محدودة وانقسامات واسعة
رغم الأهمية الرمزية لهذا اليوم، تأتي الذكرى الـ34 في ظل واقع منقسم على الأرض. ففي العاصمة المؤقتة عدن ومناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا، نظّمت فعاليات محدودة لإحياء المناسبة، تخللتها تصريحات رسمية تؤكد على أهمية الوحدة كخيار لا رجعة عنه، رغم التحديات.
في المقابل، أقامت جماعة الحوثي في صنعاء وعدد من المحافظات الشمالية فعاليات شعبية وأمنية احتفاءً بالمناسبة، لكن الخطاب الحوثي بدا مختلفًا؛ حيث ربط المناسبة بمواقفهم السياسية الأوسع، وأبرزها تأييدهم للقضية الفلسطينية والتصعيد في الخطاب المناهض للتحالف العربي.
■ تحديات تهدد جوهر الوحدة
يواجه اليمن اليوم واقعًا ميدانيًا وسياسيًا شديد التعقيد، أبرز ملامحه:
انقسام فعلي في مؤسسات الدولة: إذ تسيطر جماعة الحوثي على صنعاء وأغلب المحافظات الشمالية، بينما تدير الحكومة الشرعية في مناطق جنوب وشرق اليمن، في ظل حضور قوي للمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي ينادي بانفصال الجنوب عن الشمال.
تصاعد الدعوات الانفصالية: خاصة في جنوب اليمن، حيث يرى بعض المكونات السياسية أن تجربة الوحدة فشلت في تحقيق التوازن والمساواة، ما زاد من الحنين إلى الدولة الجنوبية السابقة.
تدخلات إقليمية ودولية: تشكل التدخلات العسكرية والسياسية من قوى إقليمية مثل السعودية والإمارات، وكذلك الدور الإيراني الداعم للحوثيين، عاملاً معقدًا في مسار الحل السياسي.
■ مستقبل غامض وأمل بالحوار
رغم هذا الواقع، لا يزال هناك من يتمسك بالأمل في استعادة دولة موحدة، عادلة، قائمة على الشراكة الوطنية:
دعا سياسيون ومراقبون إلى استئناف الحوار الوطني والالتزام بمبادئ الدولة الاتحادية كصيغة لإنهاء النزاع.
شدد آخرون على ضرورة الاستجابة للمطالب الشعبية في الجنوب والشمال، بما يضمن التمثيل العادل وتقاسم السلطة والثروة.
واعتبر البعض أن المجتمع الدولي، يجب أن يلعب دورًا أكثر فاعلية في الضغط على الأطراف المتصارعة للعودة إلى طاولة المفاوضات.
■ رمزية مناسبة في زمن الألم
في الذكرى الرابعة والثلاثين، يبدو العيد الوطني للوحدة اليمنية مناسبة لتأمل ما تحقق وما فُقد، وما يمكن إنقاذه، فالوحدة، وإن وُلدت بحماس جماهيري عارم في 1990، إلا أن استمرارها يتطلب إعادة صياغة مشروعها السياسي والاجتماعي بما يواكب تطلعات اليمنيين جميعًا في شمال البلاد وجنوبها، شرقها وغربها.