توالت ردود الفعل العربية المرحبة بإعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة الأمريكية وجماعة الحوثي في اليمن، في خطوة وُصفت بأنها قد تُسهم في تهدئة التوترات الإقليمية وضمان أمن الملاحة في البحر الأحمر، وسط آمال أوسع بأن تدفع باتجاه وقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.
الاتفاق، الذي أعلنت عنه سلطنة عمان مساء الثلاثاء، جاء ثمرة اتصالات دبلوماسية مكثفة بين مسقط وكل من واشنطن والحوثيين، وأسفر – بحسب بيان الخارجية العمانية – عن تفاهم مبدئي يلتزم فيه الطرفان بعدم استهداف بعضهما البعض، بما يشمل السفن الأمريكية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
وأكدت السلطنة أن الهدف من الاتفاق هو ضمان "حرية الملاحة وانسيابية حركة الشحن التجاري الدولي"، في وقت تُعد فيه مياه البحر الأحمر مسرحاً رئيسياً للتوترات العسكرية منذ اندلاع الحرب في غزة.
إشادة عربية بالوساطة العمانية
مصر أعربت عن ترحيبها بالاتفاق، مثمّنة "نجاح الجهود العمانية" التي أسفرت عن هذه الخطوة، وأكدت في بيان صادر عن وزارة الخارجية أن التفاهم من شأنه أن يُسهم في تهدئة الأوضاع في البحر الأحمر، معربة عن أملها بأن يُفضي إلى دعم الجهود الرامية لإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
قطر أشادت بدورها بجهود سلطنة عمان، مؤكدة في بيان رسمي أنها "تدعم المسار الدبلوماسي لحل النزاعات"، معربة عن أملها في أن يسهم الاتفاق في تعزيز حرية الملاحة والتجارة الدولية، ويدفع نحو بيئة إقليمية أكثر استقراراً.
الكويت كذلك ثمّنت الخطوة، مؤكدة أن الوساطة العمانية تمثل "نهجاً دبلوماسياً مسؤولاً"، مشيدة بـ"المساعي الحميدة" التي بذلتها السلطنة لتقريب وجهات النظر، ومجددة دعمها للحلول السياسية في معالجة النزاعات.
الأردن رأت أن الاتفاق يشكل "خطوة فاعلة للحؤول دون مزيد من التصعيد في المنطقة"، وأكدت على أهمية الحوار كسبيل لتسوية النزاعات، فيما رحّبت العراق بالجهود الدبلوماسية العمانية، مشددة على أن هذه الخطوة تساهم في "تحقيق مصالحة وطنية شاملة وإنهاء المعاناة الإنسانية في اليمن".
موقف الحوثيين وتصريحات ترامب
من جانبها، أكدت جماعة الحوثي ما أعلنته عمان بشأن التفاهم المبدئي، لكنها شددت على أن الاتفاق لا يؤثر على موقفها من دعم غزة، حيث تواصل الجماعة هجماتها على مواقع إسرائيلية وسفن مرتبطة بتل أبيب في البحر الأحمر، رداً على الحرب الجارية في القطاع.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن بدوره أن جماعة الحوثي أبلغت واشنطن بأنها ستتوقف عن استهداف السفن التجارية، مؤكداً أن الولايات المتحدة ستوقف بالمقابل عملياتها العسكرية في اليمن.
الحملة العسكرية الأمريكية في اليمن
ويأتي الاتفاق في أعقاب حملة أمريكية مكثفة بدأت في منتصف مارس الماضي، شنت خلالها واشنطن أكثر من 1300 غارة جوية وهجمات بحرية استهدفت مواقع في صنعاء، الحديدة، وعمران، ما أسفر عن سقوط مئات الضحايا المدنيين، بحسب مصادر حوثية.
وعلى الرغم من التفوق الجوي والتكنولوجي الأمريكي، فإن الحوثيين واصلوا إسقاط طائرات مسيرة أمريكية واستهداف سفن، ما ساهم في خلق مأزق عسكري وسياسي للولايات المتحدة في المنطقة.
غزة في قلب المشهد
الاتفاق الأمريكي الحوثي جاء في ظل ضغوط متزايدة على واشنطن بسبب دعمها غير المشروط لإسرائيل في حربها على قطاع غزة، والتي أسفرت منذ 7 أكتوبر 2023 عن مقتل وإصابة أكثر من 171 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب آلاف المفقودين تحت الأنقاض، ما أدى إلى تزايد الانتقادات الدولية المطالبة بوقف فوري للعدوان.
وفيما يتفاءل مراقبون بإمكانية أن يُمهّد الاتفاق مع الحوثيين الطريق أمام تهدئة أوسع، يبقى الميدان مفتوحاً على احتمالات متعددة، خاصة في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية وتصاعد الغضب الشعبي العربي.