تم التعديل، وإليك التقرير الموسع محدثًا باسم الموقع المطلوب:
القاهرة – إيجاز برس
حين تهرب المرأة من جحيم الحرب، لا تظن إلا أن الأمان في انتظارها، لكن كثيراً من اليمنيات اللاجئات أو المقيمات في مصر وقعن فريسة استغلال متعدد الأوجه، امتد من العمل القسري، إلى زواج الإكراه، وأحياناً أبشع من ذلك.
في القاهرة والمدن المجاورة، تروي يمنيات قصصاً صادمة عن معاناة متواصلة وظروف لا تقل قسوة عن ما فررن منه في الوطن.
العدد في تزايد.. والحماية غائبة
بحسب مصادر يمنية في القاهرة، يتجاوز عدد اليمنيين المقيمين في مصر نصف مليون، نسبة كبيرة منهم من النساء والأطفال. وفي ظل غياب التمثيل الدبلوماسي الفاعل، وضعف منظمات الإغاثة المتخصصة، تصبح المرأة اليمنية عرضة للابتزاز والاستغلال دون حماية حقيقية.
تقول “أم روان”، وهي أم لثلاثة أطفال، إنها اضطرت للعمل في منزل مصري بأجر لا يتعدى 4000 جنيه شهرياً، مقابل عمل يمتد من الفجر حتى منتصف الليل، ومعاملة أقرب للعبودية، وحين طالبت بتحسين ظروفها، طُردت من المنزل دون أجر، وهددت بإبلاغ الشرطة ببلاغ كيدي.
زواج السترة.. فخ باسم الفضيلة
من أبرز صور الاستغلال ما بات يعرف بـ”زواج السترة”، حيث تُستغل أوضاع الفتيات اليمنيات القاصرات أو المطلقات، ويُعرض عليهن الزواج المؤقت أو العرفي، من رجال مسنين أو من ذوي النفوذ المالي، تحت ذريعة الإعالة، وكثير من هذه الزيجات تنتهي دون حقوق، ودون أي تسجيل رسمي.
تقول الناشطة الحقوقية اليمنية “أروى”، إن بعض الحالات التي تابعتها تكشف عن زواجات تمّت مقابل مبلغ مالي لأولياء الأمور، أو لسماسرة وساطات نسائية، ولا تستمر إلا لأسابيع أو أشهر، ثم تُرمى الفتاة في الشارع.
المجتمع.. متفرج أو شريك
يخيم الصمت أحياناً على الجالية اليمنية، إما خوفاً من الفضيحة، أو تجنباً للمشاكل، في حين ينخرط البعض في شبكات استغلال منظمة.
شهادات نساء يمنيات تحدثن لإيجاز برس أكدت تورط شخصيات معروفة في أوساط المغتربين في تسهيل أو التغاضي عن هذه الممارسات، خصوصاً في أحياء مثل “فيصل”، و”حدائق الأهرام”، و”6 أكتوبر”.
أين السفارة؟
يرى مراقبون أن غياب السفارة اليمنية عن متابعة قضايا اليمنيين المقيمين، خاصة النساء، يشجع على تكرار هذه الانتهاكات. بعض الضحايا حاولن اللجوء للسفارة، لكن لم يجدن سوى الأبواب المغلقة أو التسويف.
تقول “ح.م”، وهي شابة في العشرين من عمرها: “ذهبت إلى السفارة بعد تعرضي لمحاولة ابتزاز، لكن الموظف طلب مني التوجه للشرطة، وقال إن السفارة لا تتدخل في الأمور الشخصية”.
محاولات فردية لمساندة الضحايا
رغم الصعوبات، ظهرت مبادرات فردية من نشطاء يمنيين وحقوقيين مصريين لدعم النساء المتضررات. مجموعة تطوعية تحمل اسم “كرامة يمنية” أسست ملاذاً آمناً في شقة صغيرة بالقاهرة، لإيواء النساء المعنفات، فيما يحاول نشطاء آخرون تقديم استشارات قانونية أو مساعدات عينية.
لكن هذه الجهود تظل غير كافية، وتواجه تحديات تمويلية وقانونية، ولا تحظى بأي دعم رسمي.
أرقام بلا أسماء
- أكثر من 20 حالة زواج قسري أو احتيالي رُصدت خلال عام 2024 فقط، بحسب تقارير حقوقية غير رسمية.
- ما لا يقل عن 50 سيدة يمنية تعرضن للاستغلال في العمل المنزلي في القاهرة والجيزة، دون تعويض أو حماية.
- 70% من النساء اليمنيات في مصر يعشن تحت خط الفقر، وفق تقديرات غير رسمية.
توصيات: كسر دائرة الصمت
- تنشيط دور السفارة اليمنية في حماية اليمنيين قانونياً واجتماعياً.
- إطلاق خط ساخن لتلقي شكاوى النساء المتضررات بسرية تامة.
- دعم المبادرات الحقوقية اليمنية العاملة في مصر.
- فتح تحقيقات في قضايا الزواج القسري والاستغلال، بتنسيق مع السلطات المصرية.
- التعاون مع منظمات دولية لرصد الانتهاكات وضمان محاسبة المتورطين.
ختاماً:
ما يحدث لليمنيات في مصر ليس مجرد انعكاس لتبعات الحرب، بل هو امتداد لعجز الدولة اليمنية عن حماية مواطنيها داخل الوطن وخارجه.
وبين مطرقة الحاجة وسندان الغربة، يبقى صوت الضحية اليمنية هامساً، ينتظر من يرفعه للعلن.