لا تزال اليمن، بعد قرابة عقد من الصراع، تواجه تحديات اجتماعية واقتصادية عميقة تساهم في تأخير استقرارها وتحقيق التنمية المستدامة.

ومن أجل معالجة هذه التحديات، مول الاتحاد الأوروبي مبادرتين مترابطتين هما: مشروع تعزيز المرونة المؤسسية والاقتصادية في اليمن (SIERY)، الذي ينفذه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، وبرنامج دعم سبل العيش المرنة والأمن الغذائي والتكيف مع المناخ (ERRY III)، الذي تشارك في تمويله السويد، ويشمل مجموعة من الوكالات الدولية مثل منظمة الأغذية والزراعة (FAO)، منظمة العمل الدولية (ILO)، وبرنامج الأغذية العالمي (WFP).

على الرغم من أن هذين البرنامجين يعملان على مستويات مختلفة من الحكم المحلي، إلا أنهما شكلا إطارًا متكاملًا يعزز استعادة وظائف نظام الحكم المحلي في اليمن، مما يساهم في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز القدرة على الصمود في وجه التحديات.

نهج متكامل: تعزيز الحوكمة والمشاركة المجتمعية

تعزز البرامج المشتركة بين SIERY و ERRY هياكل الحوكمة على المستويين المؤسسي والمجتمعي. حيث يركز SIERY على دعم الهياكل الحكومية الرسمية على مستوى المديريات، في حين يعمل ERRY على مستوى المديريات الفرعية والتركيز على الهياكل غير الرسمية مثل لجان المجتمع.

هذا التنسيق بين البرنامجين أدى إلى تكامل سلس للجهود الحكومية والمجتمعية، مما يعزز الحوكمة الفعالة والمشاركة المجتمعية في اتخاذ القرارات.

من أبرز الإنجازات التي حققها SIERY هو دعم السلطات المحلية في التخطيط وتنفيذ الخدمات الأساسية في قطاعات مثل الصحة والتعليم والصرف الصحي والطاقة.

تم تنفيذ أكثر من 170 مشروعًا ذا أولوية استفاد منها حوالي 6 ملايين شخص بشكل غير مباشر.

من ناحية أخرى، عمل ERRY على تعزيز دور المجتمعات المحلية من خلال إنشاء 50 لجنة فرعية و326 مجلسًا تعاونيًا للقرى، مما أدى إلى تحسين مستوى الحوكمة والمشاركة المجتمعية. استفاد من هذه المشاريع نحو 200,000 شخص، حيث عملت هذه اللجان والمجالس على تعزيز الشفافية والمساءلة.

تعزيز المرونة الاقتصادية وسبل العيش

يعمل كل من SIERY و ERRY على تحسين الظروف الاقتصادية وسبل العيش من خلال دعم المشاريع المحلية وتوفير فرص العمل.

فقد تعاون SIERY مع السلطات المحلية والقطاع الخاص لتدريب 3000 من صغار المزارعين والشركات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى تقديم الدعم المالي لـ 2000 شركة، مما استفاد منه نحو 35,000 فرد بشكل مباشر.

كما تم تطوير البنية التحتية للسوق وتعزيز التجارة، مما جذب حوالي 7.2 مليون مشترٍ سنويًا.

في المناطق الريفية، عمل ERRY على خلق فرص عمل قصيرة الأجل ودعم المشاريع التجارية الصغيرة من خلال توفير التدريب المهني لـ 1528 شابًا وامرأة، مما ساهم في تعزيز قابلية التوظيف والاستقلال الاقتصادي.

كما تم دعم الحلول المستدامة للطاقة الشمسية في العديد من المرافق العامة، ما أدى إلى تقليل الاعتماد على الكهرباء التقليدية.

دعم الطاقة المتجددة والمياه النظيفة

دعم كلا البرنامجين أيضًا حلول الطاقة الشمسية للمرافق العامة مثل المدارس والمراكز الصحية، مما أسهم في استدامة الخدمات العامة. حيث تم تركيب أنظمة طاقة شمسية في 102 مؤسسة تعليمية في إطار برنامج SIERY، بينما تم تزويد 150 منشأة بالخدمات العامة بالطاقة الشمسية من خلال ERRY.

 كما تم تدريب 500 فرد على ريادة الأعمال في مجال الطاقة الشمسية وتوفير فرص عمل جديدة في هذا القطاع.

من جانب آخر، تم إنشاء محطة لتحلية المياه تعمل بالطاقة الشمسية، مما يوفر مياه شرب نظيفة للمجتمعات الضعيفة.

هذه المبادرات تساهم بشكل كبير في توفير بيئة مستدامة للمجتمعات المحلية.

دور المرأة في تعزيز القدرة على الصمود

يتميز كلا البرنامجين بتركيز قوي على تمكين المرأة، حيث تشكل النساء 54% من المشاركين في المشاريع، مما يساهم في تعزيز التعافي الاقتصادي والاجتماعي في اليمن. كانت النساء جزءًا رئيسيًا في قطاعات مثل إنتاج الغذاء، تجارة التجزئة للماشية، وتصنيع المنسوجات.

يساهم هذا التركيز على الشمول بين الجنسين في تعزيز المرونة الاقتصادية والنسيج الاجتماعي في المجتمع اليمني، مما يوفر فرصًا اقتصادية وتحسنًا في الوضع الاجتماعي.

خاتمة

في الوقت الذي تستمر فيه التحديات الاجتماعية والاقتصادية في اليمن، تشكل البرامج التي تمولها الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع الأمم المتحدة وغيرها من الوكالات الدولية نموذجًا فعالًا لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز القدرة على الصمود.

من خلال تعزيز الحوكمة المحلية والمشاركة المجتمعية، وتحفيز الاقتصاد المحلي من خلال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وترسيخ الحلول المستدامة للطاقة والمياه، تعمل هذه المبادرات على تمهيد الطريق نحو التعافي المستدام وبناء مستقبل أفضل لليمن.

فريق الصحافة والإعلام للوفد إلى اليمن