بمناسبة اليوم العالمي للأمم المتحدة الذي يصادف يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول من كل سنة وهو يوم الاحتفال بذكرى إعلان ميثاق الأمم المتحدة تجدد منظمة رايتس رادار لحقوق الإنسان ومقرها لاهاي/ هولندا دعوتها للأمم المتحدة بكافة هيئاتها ومؤسساتها العاملة في مجال حقوق الإنسان بذل المزيد من الجهود للحد من سقوط المزيد من ضحايا الانتهاكات في اليمن.
وتدعو المجتمع الدولي لممارسة المزيد من الضغوط على أطراف الصراع في اليمن لإيقاف الانتهاكات بحق الضحايا المدنيين، خصوصاً جماعة الحوثي المسلحة المتهم الأول والرئيس في ارتكاب أكثر الانتهاكات، وفقا للحقائق والمعطيات والأرقام المرصودة والموثقة، إضافة للتقارير الحقوقية الصادرة عن هيئات دولية.
وفقاً لفريق راصدي رايتس رادار المتواجدين في حوالي 20 محافظة يمنية فإن إجمالي ما تم رصده من انتهاكات ارتكبتها مختلف أطراف الصراع في اليمن بحق المدنيين خلال الفترة ( سبتمبر/أيلول 2014 إلى يونيو/حزيران 2024 ) بلغت 86718 حالة انتهاك تنوعت بين القتل والإصابة والاعتقال والاختطاف والإخفاء القسري والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة.
ارتكبتها على التوالي كل من ( جماعة الحوثي المسلحة، التحالف العربي، الحكومة المعترف بها دولياً، قوات لا تتبع وزارة الدفاع الشرعية، مسلحون وجهات مجهولة، القوات الأمريكية، وتنظيمات متطرفة).
وبحسب الأرقام المرصودة لدينا خلال الفترة المذكورة فقد بلغ إجمالي عدد القتلى من المدنيين 15010 منهم 2401 طفلا و1084 امرأة و11525 من الرجال.
بينما بلغ عدد المصابين 23165 منهم 5146 طفلاً 2218 امرأة و15001 رجلا.
وبلغ عدد من تعرضوا للاعتقال والاختطاف والاخفاء القسري أكثر من 26089 بينهم نحو 1000 طفل 285 امرأة وفتاة و24804 من الرجال.
وبحسب الهيئة الوطنية في اليمن للأسرى والمختطفين فإن عدد من تعرضوا للإخفاء القسري بلغ (1585) مدنيا لفترات متفاوتة، تراوحت بين شهرين إلى خمس سنوات متواصلة في مناطق سيطرة جماعة الحوثي بينهم (٣٤) امرأة و(٦٤) طفلا، ما يزال 136 منهم مخفيون لدى الحوثيين، إضافة لثلاث حالات إخفاء لدى سلطات الأمن التابعة للحكومة المعترف بها دوليا.
وما يزال أكثر من 70 موظفاً وناشطاً تابعين لمنظمات إنسانية محلية ودولية بينهم عاملون مع وكالات الأمم المتحدة وجهات الدولية بينهم 5 نساء مخفيون قسراً لدى جماعة الحوثي المسلحة، قضوا حتى اليوم أكثر من 120 يوماً دون أن تعرف أسرهم أي شيء عن ظروف احتجازهم.
وثمة مخاوف حقيقية لدى أسر وذوي المخفيين تتعلق بسلامتهم الجسدية والنفسية في ظل انعدام المعلومات عن ظروف المختطفين منذ اختطافهم.
يتضاعف هذا القلق عقب إحالة الجهاز العسكري الحوثي لعدد من المحتجزين تعسفياً من بينهم ثلاثة من موظفي الأمم المتحدة، اثنان من اليونسكو وواحد من مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، اختطفوا بين سنة 2021 و2023 إلى النيابة الجزائية التابعة للحوثيين.
وهي خطوت لقيت تنديداً واسعاً على كل المستويات باعتبارها تطورٌ خطيرٌ يمس سلامة وحياة المحتجزين.
وفيما يتصل بالانتهاكات المتعلقة بالممتلكات بلغت 22454 انتهاكاً تقسمت على 18973 ممتلكات خاصة و3481 ممتلكات عامة.
ارتكبت جماعة الحوثي وحدها 20190 حالة، و952 حالة ارتكبتها قوات التحالف العربي وتقاسمت جهات مختلفة باقي الرقم.
وفي التفاصيل المرتبطة بالجهات المسؤولة عن الانتهاكات التي رصدتها رايتس رادار تصدرت جماعة الحوثي المسلحة الجهات في ارتكاب كل الانتهاكات، فمن إجمالي 86718 حالة انتهاك ارتكب الحوثيون أكثر من 24081 انتهاكاً، بينما تقاسمت بقية الأطراف المسؤولية عن بقية الحالات.
إن من المهم لفت الانتباه إلى أن جماعة الحوثي تضاعف من قبضتها الأمنية في مناطق سيطرتها، وفي سبيل ذلك عملت ولا تزال على قمع كل المناوئين لسياساتها، ووسعت من قائمة الاتهامات الكيدية، مستخدمة في ذلك أجهزة الشرطة والنيابة والقضاء الواقعين تحت سيطرتها وذلك لتبرير كل الانتهاكات وتمرير الأحكام والقرارات القضائية التي تصدرها ضد خصومها من مختلف الفئات خصوصاً الناشطين السياسيين والكتاب والإعلاميين إضافة للعاملين في مجال العمل التربوي والإنساني.
وفي سبيل ذلك أنشأت مؤخراً جهازاً أمنياً جديداً بإسم "استخبارات الشرطة" بقيادة علي حسين الحوثي نجل مؤسس جماعة الحوثي.
ووفقاً لمصادر حقوقية مطلعة في صنعاء فإن الهدف من إنشاء هذا الجهاز الشرطي هو نقل مهام القمع والاختطاف لوزارة الداخلية، إلى جانب (جهاز الأمن والمخابرات) سيء السمعة والذي ارتبطت به الكثير من جرائم التنكيل والقتل تحت التعذيب.
وهي أجهزة قمعية تضاف إلى تلك التابعة لوزارة الداخلية التابعة للحوثيين، تحاول بها استنساخ أجهزة القمع والسيطرة الإيرانية لتكريس حالة الهيمنة الأمنية على كل مناحي الحياة بهدف إرهاب المدنيين وإخضاعهم.
وفي هذا السياق يشار إلى أن عدد من قتلوا بالتعذيب في سجون الحوثيين منذ 2014 إلى الآن زادوا عن 400 ضحية.
في ضوء هذه الانتهاكات الممنهجة فإننا في رايتس رادار نطالب الأمم المتحدة ممثلةً بالمبعوث الأممي إلى اليمن هانز غروندبرغ لاستخدام ولايتها القانونية لاتخاذ خطوات فاعلة لإنقاذ حياة المختطفين والمحتجزين في سجون جماعة الحوثي.
والعمل بشكل عاجل على تسريع الإفراج عن كافة المختطفين والمحتجزين في سجون وزنازين الحوثيين وغيرهم المحتجزين أو المغيبين في سجون الحكومة المعترف بها دوليا أو المجلس الانتقالي الجنوبي.
إنه من غير المجدي الحديث عن أية خطة أو خارطة للسلام في اليمن بينما لا يزال مئات المختطفين يواجهون خطورة فقدان حياتهم بالتعذيب أو بأحكام قضائية غير قانونية بتهم جاهزة غير منطقية.
ونطالب جماعة الحوثي باحترام المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وإيقاف سياسات القمع والترهيب التي تمارسها ضد خصومها لأسباب كيدية وسياسية في الغالب.
مع التأكيد على حق المواطنين اليمنيين في التعبير عن آرائهم ومواقفهم طبقاً لمقتضيات حقوق الإنسان وما يكفله الدستور اليمني والمواثيق الدولية.
وتتحمل جماعة الحوثي وقياداتها المسؤولية القانونية تجاه أية تداعيات تتصل بسلامة وحياة ضحايا الانتهاكات.
كما ندعو الحكومة المعترف بها وكافة التشكيلات العسكرية التابعة لها إلى أن تكون نموذجاً حقيقياً لاحترام الحقوق والحريات، والتعامل بحساسية إيجابية مع حريات الرأي والتعبير في مناطقها، وضمان حق الجميع في الدفاع عن أنفسهم أمام مختلف أجهزة الضبط والقضاء بشكل يجسد الاحترام المتبادل بين المواطن والدولة.
ولعل من المهم التأكيد على أن ميثاق الأمم المتحدة يجب أن يكون دافعاً وحافزاً لمنظمات الأمم المتحدة وهيئاتها الدولية لبذل المزيد من الجهود لتعزيز مبادئ حقوق الإنسان في اليمن بما يكفل المساواة التي دعا لها الميثاق كأساس لضمان الحقوق واحترام الحريات بكل أشكالها ومستوياتها.