مبادرات فتح الطرق تكسر نسق التصعيد الميداني والسياسي في اليمن

حكومية

 

 

كسر الإعلان عن فتح طرق واصلة بين عدد من المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي ومناطق الحكومة المعترف بها دوليا، نسق التصعيد والتوتّر اللذين ميّزا علاقة الطرفين خلال الفترة الأخيرة وتجليا ميدانيا في مواجهات مسلّحة في عدد من نقاط التماس، وسياسيا واقتصاديا من خلال اتخاذ حكومة رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك لجملة من القرارات الهادفة للتضييق ماليا على حكومة صنعاء اعتبرها الحوثيون إعلانَ حرب جديدا ليس فقط من قبل الشرعية، ولكن أيضا من قبل المملكة العربية السعودية الداعمة لها.

 

وأعلن محافظ مأرب اللواء سلطان العرادة عضو مجلس القيادة الرئاسي الأحد عن فتح طريق مأرب – البيضاء – صنعاء وذلك بعد استكمال الترتيبات اللاّزمة لذلك. وترافق ذلك مع الإعلان عن الشروع في إجراءات فتح الطرق باتجاه محافظة تعز التي عانى سكانها لسنوات جرّاء الحصار الذي ضربه عليها الحوثيون من جهة الشمال الشرقي وتسبّب في قطعها عن عدد من المناطق المجاورة لها ما اضطر السكان لاتباع طرق التفافية طويلة وصعبة لقضاء شؤونهم والتواصل مع عوائلهم وأقربائهم في تلك المناطق.

 

وجاءت مبادرات فتح الطرق تحت عناوين إنسانية، لكنّ متابعين للشأن اليمني رأوا أنّها لم تخل من أبعاد سياسية، خصوصا وأنّها تحقّقت في غمرة موجة من التصعيد شرّعت للحديث عن تعثّر جهود السلام. ولم يستبعد هؤلاء وجود تشجيع سعودي للتهدئة بين الشرعية اليمنية والحوثيين لمنح الفرصة لجولة جديدة من مفاوضات السلام يتوقّع أن تحتضنها العاصمة العمانية مسقط في وقت لاحق.

 

ولا تبدو فرصة تحقيق تقدّم نوعي في جهود السلام باليمن كبيرة في الوقت الحالي وما يميزه من توتّرات، منها ما هو ناجم عن الوضع في الإقليم وتحديدا الحرب الجارية في قطاع غزّة والتي يتذرّع بها الحوثيون لاستهداف الملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن وما تطلبه ذلك من ردّ عسكري أميركي - بريطاني. لكن الرياض لا تريد رغم ذلك انتكاس المسار السلمي بالكامل بعد أن بذلت جهودا كبيرة لإطلاقه لم تستثن تقديم بعض التنازلات ومن ضمنها القبول بالتواصل المباشر مع الحوثيين والجلوس معهم إلى طاولة الحوار المباشر.

 

وشهدت الأيام الأخيرة تصاعدا ملحوظا في حدّة الصراع في اليمن. وكسرت مواجهات بين قوات الحوثيين وقوات الشرعية جرت في جبهة الشريجة الفاصلة بين محافظة لحج التي تسيطر الحكومة على أجزاء منها ومناطق سيطرة الحوثيين في محافظة تعز وخلّفت قتلى وجرحى من الجانبين، نسق الهدوء النسبي القائم منذ أكثر من عامين.

 

وفي مظهر تصعيدي آخر، تحوّل القطاع المالي في اليمن ميدانا لمعركة ضارية بين جماعة الحوثي والسلطة الشرعية التي بادرت إلى اتّخاذ إجراءات لإجبار عدد من المصارف على نقل نشاطها من مناطق الحوثيين إلى مناطق الشرعية. كما قررت وزارة النقل في حكومة رئيس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك تحويل كافة إيرادات شركة الخطوط الجوية اليمنية إلى حساباتها البنكية في عدن أو إلى في الخارج.

 

ولاحت بوارد الإرباك في صنعاء من خلال توجيه الحوثيين لسهام غضبهم صوب السعودية التي لا يبدو أنّها في وارد التراجع عن إصرارها على طي ملف الصراع اليمني سلميا. وجدّد وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله العليمي مؤخرا “موقف المملكة الراسخ والداعم لكل ما يضمن أمن واستقرار الجمهورية اليمنية، ويحقق آمال شعبها”. وذكرت وكالة الأنباء السعودية أنه جرى خلال اللقاء بحث مستجدات الأوضاع في اليمن، والمساعي المبذولة لدعم السلام، وإحراز تقدم بشأن خارطة الطريق لإنهاء الأزمة اليمنية والوصول لحل سياسي شامل تحت رعاية الأمم المتحدة، يتوحد به الصف اليمني وتتحقق به تطلعات شعبه”.

 

وجاءت عمليات فتح الطرق لتمثّل أول إجراء للتهدئة منذ أسابيع. وقال العرادة إنّ الاستعداد التام لفتح جميع الطرق التي تربط محافظة مأرب بالمحافظات الأخرى وفي مقدمتها مأرب-البيضاء – صنعاء، ومأرب – صرواح – صنعاء، كانت من أجل المواطنين في كافة أرجاء البلاد لأسباب ودواعٍ إنسانية بحتة. وأوضح أن موقف القيادة السياسية ممثلة برئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد محمد العليمي بشأن فتح جميع الخطوط والطرقات المغلقة في جميع المحافظات "ثابت ومعلن باعتبار أن الطريق حق أساسي لجميع اليمنيين".

 

كما طالب محافظ مأرب باستكمال فتح كافة الطرق المغلقة وخصوصا طريق مأرب-فرضة نهم-صنعاء “باعتباره الخط الدولي الأقرب والأنسب والمؤهل لنقل البضائع والمسافرين، وكذلك طريق ملعا – حريب كونه يخدم إحدى المديريات الجنوبية، وواحدة من أكبر مديريات مأرب”.

 

لكنّ خطاب عضو مجلس الرئاسة لم يخل من اتّهام للحوثيين بإعاقة مساعي فتح الطرق باستهداف الفرق المكلّفة تهئية المجال وإزالة الحواجز. وقال عبدالرقيب دبوان رئيس أركان المنطقة العسكرية الثالثة إنّ التأخير في إزالة الحواجز الترابية والكثبان الرملية ومخلفات الحرب من الطريق الرابطة بين محافظتي البيضاء ومأرب يعود إلى استهداف الحوثيين للعمال وآلياتهم.

 

وأكّد من جهته استمرار العمل على فتح الطريق واستكماله بشكل كامل تنفيذا لـ”توجيهات القيادة السياسية والعسكرية التي قضت بفتح الطريق رغم أنّه ميدان معركة، وذلك لتخفيف المعاناة التي يتعرض لها السافرون عبر الطريق الصحراوية". وفي ذات السياق أصدرت اللجنة الحكومية للتفاوض حول فتح طرقات تعز، الأحد، بيانا رحبت فيه بامتثال الحوثيين وإعلانهم فتح طريق الحوبان – جولة القصر – الكمب. وأعلنت اللجنة في بيانها عن جاهزيتها لبدء الإجراءات التنفيذية لتنقل المواطنين من هذه الطريق داعية لفتح كل الطرق الرئيسية المؤدية إلى مدينة تعز.