تفاقمت أزمة الخدمات في محافظة شبوة جنوبي البلاد خلال الأشهر الماضية بشكل واضح بعد تأزم المشهد الأمني من جديد، وتراجع واضح للخدمات الضرورية وارتفاع أسعار المشتقات النفطية ما أدى إلى زيادة في أسعار السلع والمواد الأساسية في بلد يشهدا حربا منذ ما يزيد على سبعة أعوام وشعب يصنف غالبيته وفق معايير الأمم المتحدة أنهم يعيشون تحت خط الفقر.
ومع تزايد حوادث الاشتباكات المسلحة بين الفصائل العسكرية وزيادة ساعات انقطاع التيار الكهربائي بسبب انخفاض الطاقة التوليدية وعدم مواكبتها للتوسع العمراني، إضافة إلى تهالك شبكات النقل التي لم تتلقَّ الصيانة منذ ثمانينات القرن الماضي، عادت حالة التذمر لدى أبناء محافظة شبوة، خصوصاً مع تزايد هذه الأزمات يوما بعد اخر.
إدارة بالأزمة ولا حل قريبا
المحلل السياسي أحمد رناح يرى أن تردي الأوضاع في محافظة شبوة ناتج عن سياسة ممنهجة تهدف إلى إشغال الناس بحاجياتهم اليومية وإدخالهم في أزمات مفتعله بغية إبعادهم عن السياسة والمطالبات بحقوقهم وهذه سياسة خطيرة تقوم بها جهات ذات أبعاد استراتيجية وهي من تتحكم بالمشهد.
وأضاف رناح في تصريح لـ "المصدر أونلاين" إن من يظهرون في المشهد عبارة عن أدوات وبيادق ليس بيدها شيء، لكنها في ذات الوقت ملومة أمام الشعب كونها تصدرت المشهد.
وأشار رناح إلى أن "الأزمات التي حدثت خلال الأشهر الماضية تؤكد بما لا يدع مجال للشك أنها عبارة عن أزمات مصطنعة ومفتعلة وبالإمكان حلها لكن من يقف خلف تلك الأزمات لا يريد حلها بل يسعى لتحقيق أهداف قذرة" حسب قوله.
وأوضح أن انعدام الخبرة الإدارية والسياسية لقمة هرم السلطة المحلية ساهم في زيادة معاناة الناس ووسع دائرة الفشل وزاد الوضع تعقيدا، ما انعكس بصورة ملحوظة على تدني مستوى الخدمات في المحافظة، لافتا إلى أن المعطيات في الساحة لا تبشر بأيام قادمة أفضل. ويضيف "هناك تنامي للفساد واستقطاب حاد في السياسة وصراع مصالح".
ولفت إلى محاولة البعض تغييب الشخصيات الهامة والمؤثرة في المجتمع عن المشهد وإبعادها عن قيادة الناس في هذه المرحلة المهمة والحساسة عن طريق نشر الثارات وتغذيتها.
بيئة طاردة
مع تنامي ظاهرة الثأر في المحافظة بصورة ملفتة خلال الأشهر الأخيرة، وعودة الاشتباكات المسلحة بين التشكيلات العسكرية بدأ المستثمرون في العزوف عن المواصلة في استثماراتهم كون البيئة في المحافظة لم تعد مناسبة للاستثمار.
القيادي وعضو الجمعية العمومية في المجلس الانتقالي الجنوبي احمد فرج كتب منشور على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك " أن اثنين من رجال الأعمال في شبوة كان لديهم خطط للاستثمار في المجال العقاري بمبلغ يفوق الـ(100) مليون دولار."
وأكد فرج أن أحد المستثمرين قام بإيقاف الاستثمار ومغادرة شبوة فيما تم اعتراض مشروع المستثمر الثاني من قبل أحد مدراء العموم، والذي تقدم بشكوى للسلطة المحلية لتسهيل تنفيذ مشروعة لكنه تفاجئ برد السلطة بقولها لا دخل لنا في الأمر حل مشكلتك بنفسك، وهو ما جعله ينقل استثمارة إلى محافظة عدن.
واختتم منشوره "بدلا من انتشار الاستثمار انتشر الثأر".
نقل تجربة عدن
"لن نسمح أن تكون شبوة مثل عدن" بهذه الكلمات صرح محافظ شبوة السابق محمد صالح بن عديو خلال تدشين افتتاح مينا "قنا" في مديرية رضوم جنوب شرق شبوة جنوبي البلاد، وذلك على خلفية تدهور الوضع الأمني في عدن وزيادة أعمال الفوضى والقتل والجريمة منذ سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على العاصمة المؤقتة.
الكاتب ابوالحسنين محسن معيض كتب على صفحته على فيس بوك "ان المواطنين باتوا يخشون أن يكون سيناريو أحداث شبوة نسخة مطورة ومعدلة من مجريات مواسم أحداث محافظة عدن، وأن تصبح شبوة نسخة أخرى من عدن.
ولفت إلى أن ما تشهده من قهر وتدمير وقتل وتفجير واغتيالات ممنهجة وتهيئة المجال لمزيد من التناحر القبلي والتنازعِ الاجتماعي عبر المزيد من البسط والنهب والبلطجة.
وأوضح أنَّ القائد الآمر الفعلي في (بريقة) عدن هو إمتداد للقائد السامي في (بالحاف) شبوة، منوها إلى أن أدوات التنفيذ هي نسخة طبق الأصل من معاول الهدم هناك.
تشير المؤشرات والحوادث المتكررة والسعي إلى تعطيل عمل الأجهزة الأمنية الحكومية وإحلال مكانها تشكيلات عسكرية وأمنية تدين بالولاء للمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا، وأن المحافظة تتجه إلى سيناريو عدن وهذا ما يقلق المواطنين في شبوة بعد فترة زمنية قصيرة وصفت بالفترة الذهبية التي شهدت المحافظة فيها استقرار أمني نسبيا انعكس على تنامي الحركة التجارية والاستثمارية في المحافظة.