تحتدم المعارك على مشارف مدينة مأرب اليمنية التي يحاول الحوثيون السيطرة عليها منذ نحو عام، وتزداد أهمية المدينة بالنسبة لهذه الجماعة المسلحة المدعومة من إيران، لأنها تشكل ورقة مهمة يمكن التفاوض عليها، فق خبراء.
الاشتباكات في اليومين الماضيين أسفرت عن سقوط 65 قتيلا، حيث احتدم القتال الذي يضغط من خلاله الحوثيون للسيطرة على هذه المدينة، والتي قد تغير لهم المعادلة عند الدخول في أي محادثات جديدة مع الحكومة المعترف بها دوليا، وفق ما قال خبراء لموقع "الحرة".
وتقع هذه المدينة الغنية بالنفط والغاز على بعد 120 كلم شرق العاصمة صنعاء، وهي تشكل نقطة وصل هامة ما بين الشمال والجنوب.
ويقول مجلس الأمن الدولي، إن معركة مأرب "تعرض مليون نازح داخليا لخطر كبير وتهدد جهود التوصل إلى حل سياسي، في وقت يتحد المجتمع الدولي بشكل متزايد لإنهاء النزاع".
أهداف اقتصادية وعسكرية الخبير العسكري اليمني، يحيى أبو حاتم، قال في حديث لموقع "الحرة" إن الفوز بمدينة مأرب، هدف مهم لـ"الحوثيين المدعومين من إيران، خاصة وأن حدودها محاذية للعديد من المحافظات الهامة، مثل حضرموت وصنعاء وغيرها من المدن، والتي ستعطيهم بعدا جغرافيا جديدا هاما".
وأضاف أن هذه المدينة " لها رمزية خاصة عند اليمنيين، حيث أنها كانت عاصمة البلاد قديما، وهي حاليا تعتبر من أهم المدن الاقتصادية في البلاد".
ويريد الحوثيون من السيطرة على هذه المحافظة، توفير منفذ هام للمحافظات الشمالية التي لا تزال خاضعة للحكومة المعترف به، وذلك من أجل توفير دعم أكبر لعملياته العسكرية التي يريد التوسع بها، بحسب حاتم.
اليمن يواجه أقسى أزمة أنسانية في العالم حاليا ويشير إلى أن التكلفة "الإنسانية" لهذه المعارك العسكرية كبيرة جدا، خاصة وأن الحوثيين لا يفرقون بين أهداف عسكرية، أو أهداف مدنية، حيث يوجد مخيمات للنزوح في المدينة.
وتقوم قوات الجيش الوطني التابعة للحكومة المعترف بها دوليا بإسناد من القبائل في المنطقة، وإسناد جوي من طائرات التحالف الدولي.
مخططات إيرانية الخبير العسكري اليمني، ياسر صالح، قال في رد على استفسارات "الحرة" إن "مأرب تشكل قوة اقتصادية هامة في البلاد، حيث يوجد فيها آبار النفط والغاز، وإذا سيطر عليها الحوثيين فهذا يعني توفير دعم هام لها للاستمرار في التوسع على مدن أخرى في البلاد".
وأضاف أن لهذه المدينة بعدا سياسيا هاما، وهو " ما أكد عليه قادة في الحرس الثوري الإيراني، وحتى زعيم تنظيم حزب الله حسن نصر الله"، وحرب الحوثيين هناك ليست نابعة منهم "إلا أنهم ينفذون مخططات المشروع الإيراني في اليمن والمنطقة".
وبين صالح أن الأوضاع على الأرض تكشف معارك حامية الوطيس، ولكن ما تم تحقيقه من الجانب الحوثي لم يتجاوز التقدم بكيلومترات محددة.
ويرى أن المعارك قد تستمر على مشارف هذه المدينة التي يريد الحوثيون تحقيق اختراق فيها للسيطرة عليها، حيث يتوقع أن تشتد بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة، والتي قد تعني كارثة على الصعيد الإنساني، إذ يوجد فيها أكثر من مليون نازح، وعلى الصعيد السياسي، ستشكل نقطة دعم جديدة لإيران للوصول لمناطق داخل وخارج اليمن لتعكير الاستقرار والسلم فيها.
ويؤكد صالح أنه إذا سقطت مأرب في يد الحوثيين، فلن يجلسوا إلى طاولة الحوار، والحل السياسي لن يكون ضمن حساباتهم، وحتى إن دخلوا مفاوضات سياسية، فسيكون موقفهم أقوى وبمعادلة جديدة.
معارك متجددة وبعد فترة تهدئة، استأنف الحوثيون في الثامن من فبراير هجومهم على القوات الحكومية المدعومة من التحالف العسكري منذ بدء عملياته في اليمن في مارس 2015، وفق تقرير لوكالة فرانس برس.
ودفع الحوثيين بمئات المقاتلين خلال اليوممن الماضيين الماضية لحسم المعركة. ورغم ضربات الطيران، إلا أن مقاتليهم "لا يتوقفون عن التدفق والقتال لتحقيق مزيدا من التقدم"، بحسب ما قال أحد المصادر العسكرية للوكالة.
وكان يقطن في مأرب بين 20 و 30 ألف شخص في فترة ما قبل اندلاع النزاع في 2014، لكن عدد سكانها تضاعف إلى مئات الآلاف بعدما لجأ إليها نازحون من كل مناطق اليمن وباتت تضم نحو 140 مخيما للنازحين.
في مارس، رفض الحوثيون دعوة السعودية إلى وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، إذ إنهم يطالبون برفع كامل للحظر الجوي والبحري الذي تفرضه السعودية.
وبدلا من ذلك، صعدوا الهجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ البالستية نحو عمق السعودية التي توفر الدعم الجوي للقوات الموالية للحكومة في معارك مأرب.
وخلف النزاع عشرات آلاف القتلى ودفع نحو 80 في المئة من السكان للاعتماد على الإغاثة الإنسانية وسط أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقا للأمم المتحدة.
وتسبب كذلك بنزوح نحو 3.3 ملايين شخص وترك بلدا بأسره على شفا المجاعة.