نحن الذين حملتنا الأقدار بعيدًا عن تراب اليمن، نعيش في الغربة بأجسادنا، لكن أرواحنا ما زالت هناك، معلّقة بين سماء صنعاء، وربى إب، وهواء تعز، وتراب ريمة، وشواطئ عدن، ونسيم الحديدة، وصحراء مأرب، وكل شبر من هذا الوطن الجريح. الغربة ليست مجرد بُعدٍ جغرافي، بل وجعٌ دائم، واشتياقٌ لا ينتهي، وحنينٌ يسرق النوم من أعيننا كل ليلة.
نشتاق لروائح البيوت الطيبة، لصوت الأذان من المساجد القديمة، للضحكات البسيطة في شوارع القرى، ولدفء الأهل، لأحاديث الجيران، ولصباحات اليمن التي لا يشبهها شيء في هذا العالم.
ولكن في قلب هذا الاشتياق، هناك وجع أكبر، هو وجع الوطن الجريح، الذي أنهكته ميليشيا السلالة الحوثية، تلك الشرذمة الطائفية التي جاءت من كهوف التاريخ لتعيدنا قرونًا إلى الوراء، تنشر الخراب، وتزرع الفتنة، وتسرق قوت الفقراء، وتنهب الدولة، وتقتل حلم اليمنيين في دولة حرة عادلة.
لقد حان الوقت ليصحو كل يمني، في الداخل والخارج، ليتجاوز الخلافات، ويوجه بوصلته نحو المعركة الحقيقية، معركة الكرامة والحرية والجمهورية.
إن معركتنا اليوم ليست معركة جغرافيا، بل معركة وجود وهوية، معركة بين النور والظلام، بين دولة يسودها القانون، وعصابة تحكم بالخرافة والدم.
أملنا الكبير في جيشنا الوطني، وفي المقاومة الوطنية، وفي كل شريف لا يزال يحمل في قلبه نبض الجمهورية، وروح سبتمبر وأكتوبر. أملنا في شعبنا، الذي وإن طالت معاناته، لن يرضى بالعبودية، ولن يسكت عن الظلم، وسيعود يومًا ليكتب فجر الحرية بأحرفٍ من نور.
يا أبناء اليمن في الداخل والخارج، فلنوحّد صفوفنا، ولنكسر صمتنا، ولنجعل من الغربة سلاحًا للدعم، لا وسادة للبكاء, فاليمن تستحق أن نقاتل من أجلها، بالكلمة، بالموقف، بالدعاء، وبالوقوف مع كل شريف يقاوم مشروع السلالة.
وسينتصر اليمن.. مهما طال ليلُ الحوثي، فالفجر آتٍ، ولن يُهزم وطن فيه هذا الكم من الصابرين، والمقاومين، والحالمين بوطن حر عزيز.