حينما تقذف بك أمواج الفرصة إلى شواطئ السلطة، فاجعل منها فرصة ثانية لخدمة الآخرين وترجمة حبك لوطنك، ولا تجعلها مقصلة تقطع بها أيدي من حولك خشية أن تسوقهم الفرص إلى موقعك. فهذا تفكير قاصر لا ينم عن شخصية كبيرة، فالكبار لا يفجرون في الخصومة، ولا يلجؤون إلى الدسائس كإجراءات وقائية لحماية أنفسهم، ولا يحقدون على من حولهم إذا سطع نجمهم أو داروا في فلك غير فلكهم.
فالكبار متخففون من الأحقاد، وليس كبير القوم من يحمل الحقدا. والمشدودون إلى الماضي عاجزون عن الوصول إلى المستقبل، ومن يرى أن القمة لا تتسع إلا لشخص واحد فهو يعاني من تضخم الأنا.
يا صديقي، ليس شرطًا أن تعمل على إفشال الآخرين لكي تنجح، يمكنك النجاح بهم ومعهم. الأصل أن نمضي سويًا، وندعم الآخرين، ونشاركهم النجاح.
لماذا تسوق نفسك للآخرين بغمز آخرين؟ يمكنك الوصول إلى هذا أو ذاك بجسور من القيم، فمن يصل إلى القمة ولا يمتلك مؤهلات البقاء فيها، يحن إلى القاع وتشتاق له حفر الدنايا. ومن يحمل نفسية الزواحف يعجز عن الطيران، ولو حاول تسلق المرتفعات، فإنه لا يزيد إلا سقوطًا.
لا يزال بإمكانك تصحيح مسارك، والتعامل كالكبار الذين لا يفتحون آذانهم لكل شاردة وواردة، ولا أعينهم لكل صغيرة وكبيرة. فتجمَّل بسعة الصدر، واستمع لوجهات النظر المختلفة، حتى تلك التي لا تعجبك، ففيها تصويب لبعض أخطائك، ما يسهم في وصولك إلى ما تريد.
أما ضيق الأفق، فلن يزيده تضييق الخناق على الآخرين إلا عزلة، وسيكتشف نفسه وحيدًا بعد أن أبعد الصادقين عنه وتخلى عنه المصفقون له بعد انتهاء مصلحتهم منه.
ختامًا يا صديقي، المال والسلطة والموقع ليس كل شيء، ومن يمكر بأصحابه يلازمه سواد الوجه أبد الدهر.
تخلص من الأنا المتضخمة، فستتعب يدك الممدودة في انتظار من يقبلها. وليس كريمًا، ولا يمتلك ذرة كرامة، من يتلذذ بإذلال الآخرين أو يحرص على أن يكونوا أمامه قططًا ناعمة أو أرانب مطيعة ليظهر كأسد.
أنت تعرض نفسك للسخرية وأنت تمشي برأس مرفوع للخلف يكاد يلتصق بمؤخرتك غرورًا.
من يريد أن يصعد على رقاب الناس ستدوسه يومًا أقدامهم، فالكريم لا يتخذ الناس سُلَّمًا، ولا يعيش على تلفيق التهم، ولا يقتات على الدسائس.
الكبار كالنحل يداوون الجراح، والصغار كالذباب يقعون عليها، فاختر لنفسك ماذا تريد أن تكون.
المال زائل، والسلطة كذلك، وتبقى المودة والقيم والشهامة.
والفجور في الخصومة هو أسرع الطرق للخلاص من صاحبه، وإن أضر بالآخرين، لكنه أكثر المتضررين.