كان الإعلان عن بث مسلسل معاوية فرصة لأصحاب فكرة التقريب بين السنة والشيعة لمهاجمة المسلسل والقول بأنه يبث الفرقة، متناسين أن إخفاء الحقائق أو تزييفها هو ما يبث الفرقة والخصام لأنه يشجع طرف واحد على تقديم سرديته هو للتاريخ.
هذا إن أحسنا الظن بدعاة التقريب أما إن أسأنا الظن بهم فهم جزء من دعوة قديمة كانت بمثابة حصان طروادة تسللت من خلالها أفكار وعقائد الرافضة إلى أهل السنة فقال عنها بعض من انخدع بها أول الأمر كالشيخ مصطفى السباعي.
" كأن المقصود من دعوة التقريب هي تقريب أهل السنّة إلى مذهب الشيعة"
كان السباعي قد اتفق مع عبد الحسين شرف الدين الموسوي على عقد مؤتمر إسلامي بين السنة والشيعة لتحقيق هدف التقارب بعد ما لمسه من كلام الرجل عن الصحابة ولكنه فوجئ أن كلام الرجل في وجوده غير كتاباته مما يشي عن تقية سافرة فقد كتب عن أبي هريرة كتابا ملأه بالسباب والشتائم ووصل إلى حد تكفيره.. ثم وجد السباعي أن القوم مصرون على مافي كتبهم من تناول مشين للصحابة وسيرتهم فهاجمهم وتخلى عن فكرة التقريب.
يرى الشيخ على القفاري أن أهل السنة قد لحقتهم خسائر فادحة نتيجة هذه الدعوة للتقارب فتحولت قبائل سنية بأكملها للرفض في العراق.. فالقوم يرفضون التخلي عن أسباب التباعد من شتم الصحابة والطعن بأمهات المؤمنين والزعم أن القرآن محرف ورفض الكتب التي تروج لذلك في حين يقدم السنة تنازلات على حساب دينهم..
يقول الشيخ عبدالمنعم النمر صاحب كتاب
(المؤامرة على الكعبة، من القرامطة إلى الخميني) أن التقريب محاولة من علماء الشيعة لتحويل أهل السنّة إلى شيعة. ويقول فيه: هذا التقريب الذي أعلنه علماء الشيعة عندنا (محمد تقي القمّي)، وظلوا يردّدونه عشرات السنين، لم يتقدّم خطوةً، ولم ترَ منه إلاّ محاولات لتشييع علماء السنّة، وجرّهم إلى مذهبه، وكسبه تنازلات منهم، باسم التقريب.
كان القرضاوي ممن اغتروا بحزب الله وزعيمه حسن نصر الله إلا أنه وصل في نهاية المطاف إلى تسمية الحزب بحزب الشيطان واعترف أن مشايخ المملكة كانوا أكثر نضجا منه فقال:
"إنني ظللت لسنوات أدعو إلى تقريب بين المذاهب، وسافرت إلى إيران أيام الرئيس السابق محمد خاتمي، وشددت في هذا الإطار على أن هؤلاء المتعصبين (في إيران) والمتشددين يريدون أكل أهل السنة، هم ضحكوا علي وعلى كثير مثلي، وكانوا يقولون إنهم يريدون التقريب بين المذاهب".
ومما قاله "دافعت (قبل سنوات) عن حسن نصر الله الذي يسمي حزبه حزب الله، وهو حزب الطاغوت وحزب الشيطان، هؤلاء يدافعون عن بشار الأسد".
"وقفت ضد المشايخ الكبار في السعودية داعياً لنصرة حزب الله قبل سنوات مضت، لكن مشايخ السعودية كانوا أنضج مني وأبصر مني، لأنهم عرفوا هؤلاء على حقيقتهم (الإيرانيون وحزب الله) هم كذبة".
بعدها توجهت كل الآلة الإعلامية الضخمة للمشروع الإيراني في شيطنت.
إن واحدة من الأهداف الخبيثة لدعوات التقريب هي عدم التعرض لعقائد القوم وهو ما تنبه له الشيخ موسى جار الله شيخ مشايخ روسيا حين قال (نقد عقائد الشيعة هو أول مرحلة من تأليف قلوب الأمة لا تأليف بدونها) .
هذه الخلاصة لم يصل لها نتيجة عداء وكره بل نتيجة تقارب فقد ألف كتابا يدعو فيه إلى التقريب وإلى اعتبار فقه الشيعة مذهبا خامسا ثم لما اضطره الاحتلال الروسي لبلاده داغستان أن يلجأ لإيران ويمكث فيها بضعة أشهر وكان يحضر حسينياتهم، ومناسباتهم وندواتهم وجلساتهم الخاصة والعامة فسمع من أفواه علمائهم ومراجعهم ما أفزعه وجعله يراجع نفس وتأكد له أنه لا يمكن الإصلاح والتقريب بين الفريقين، كما لا يمكن التقريب بين الحق والباطل،
وأما من كان صادقا في الدعوة للتقريب من الشيعة فقد اكتشف أن جماعته غلاة متعصبون منحرفون وحين جاهر بهذا تم قتله كأحمد الكسروي الذي قتل داخل وزارة العدل الإيرانية بالطعن والرصاص أو تحت الإقامة الجبرية كالشيخ كمال الحيدري.
" ليس أدل على خداع دعوى التقريب من سوء حال أهل السنة في إيران؛ فلو صدقوا في دعواهم لقاربوا بين صفوف الشعب الإيراني سنة وشيعة"
هكذا قال أحدهم.
من الأهداف التي يراد بها من التقريب إلغاء بعض المسميات مثل مسمى الرافضة فقد تبنت مؤسسة دار الإنصاف هذه الفكرة
فالرافضة بزعمهم فئة قد انقرضت وهم الذين يكرهون الصحابة، أما الشيعة فيحبون الشيخين ويترضون على الصحابة، وألفوا كتبا تروج لذلك من أشهرها كتاب: «الإسلام بين السنّة والشيعة» في جزأين ولعل هذه الدعوة رائجة في اليمن عند الحديث عن الزيدية ولكن عندما تقرأ ملازم الحوثي تجدها كلها قدح في الشيخين وعائشة.
ومن الأهداف الخبيثة للدعوة للتقريب اختراق المؤسسات السنية كما حدث مع الأزهر الشريف من خلال جمعية التقريب بين المذاهب
اقناع بعض علماء الأزهر حتى انضموا لجمعية التقريب (سماها بعضهم لاحقا جمعية التخريب) وأقنعوا الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر (1958-1963) بإدخال كتب الرافضة في مقررات الفقه وأصوله وفي التاريخ وفي مصطلح الحديث ورجاله وأفتى بجواز التعبد بالمذهب الجعفري.
التقريب بين المذاهب والأديان لا يمكن أن يتحقق على مستوى الأفكار والمعتقدات ولكن ما يجب أن يتحقق هو المواطنة المتساوية وعدم إساءة أي طرف لرموز الآخرين وهذا يمكن أن يتحقق مع بعض الديانات ولا يمكن أن يتحقق مع الرافضة لأن مرتكزات المذهب قائمة على الإساءة لرموز الآخرين.
لن يتعرض اليهودي لصحابة نبيك ولا لزوجاته ولن يتعرض المسيحي لهم ولكن الرافضي سيفعل وإن لم يفعل فقد تخلى عن دينه ..