مر أكثر من عام ونصف على ظهور بوادر جائحة فيروس كورونا المستجد؛ ولا تزال الحالات في ازدياد في كافة أرجاء العالم، ولا تزال بعض الدول تطبق إجراءات احترازية مُشددة للحد من انتشار الجائحة؛ فنجد على سبيل المثال أن الحكومة الإيطالية أعلنت العودة مرة أخرى إلى الحظر الشامل.
وعلى الرغم من التوصل إلى عدد من اللقاحات التي أبرزت نسبًا عالية من النجاح في تمكين الإنسان من تطوير استجابة ضد فيروس كورونا، فإن أمل القضاء على فيروس كورونا نهائيًّا وتحوله إلى مرض موسمي مثل الإنفلونزا، لا يزال بعيدًا بعض الشيء.
ويرجع هذا لأسباب عديدة أهمها الكمية الضخمة التي يتوجب إنتاجها من لقاحات كورونا؛ فضلًا عن إستراتيجيات التوزيع والحقن التي من الصعب السيطرة عليها أو على الأقل توحيدها في كافة دول العالم.
بالإضافة إلى أن بسبب تسريع عملية إنتاج اللقاحات وطرحها للاستخدام، حدث أن بعضها لم يُظهر فاعلية؛ بل تسبب في ظهور أعراض جانبية خطيرة، مثل لقاح أسترازينكا البريطاني الذي اعتمده الاتحاد الأوروبي لقاحًا رسميًّا؛ ثم أعلنت بعض الدول مؤخرًا إيقافه بسبب الأعراض الجانبية.
في هذا التقرير نستعرض مجموعة من الأرقام التي تخبرنا عن حالة لقاحات كورونا وعملية التطعيم ضد الفيروس المستجد حول العالم.
المراحل التي تمر بها اللقاحات قبل أن تُعتمد
يوجد العديد من المراحل المتتالية التي يجب أن يمر بها اللقاح قبل أن يُمنح للإنسان، ولكن يمكن اختزال تلك المراحل في الخطوات التالية:
المرحلة الأولى: الاختبارات الأولية
في المرحلة الأولى من إنتاج اللقاح يختبر العلماء لقاحًا جديدًا على خلايا حيوانات التجارب مثل الفئران أو القرود لمعرفة ما إذا كان يحفز الجهاز المناعي لهذه الحيوانات لتطوير استجابة مناعية للفيروس أو المُمرض بشكل عام أم لا.
المرحلة الثانية: تجارب السلامة
الهدف من هذه المرحلة هو اكتشاف قدرة اللقاح على التأثير في الجهاز المناعي للإنسان؛ بالإضافة إلى اختبار الآثار الجانبية للقاح وتأثيرها في الإنسان، وغالبًا ما يكون عدد متلقي اللقاح في هذه المرحلة صغيرًا نسبيًّا.
المرحلة الثالثة: التجارب الموسعة
عدد المتطوعين للتجربة في هذه المرحلة يكون أكبر من مرحلة تجارب السلامة، وغالبًا ما يكون عددهم بالمئات. ويقسم العلماء متلقي اللقاح في هذه المرحلة إلى مجموعات تخضع لقواعد السن والنوع، مثل مجموعة للرجال وأخرى النساء، ثم يجري تقسيمهم إلى مجموعات فرعية على حسب السن: مثلًا بالغين وأطفال ومراهقين.
والهدف من هذه المرحلة هو تجريب قدرة اللقاح على التأثير في الجهاز المناعي للأنواع والفئات العمرية المُختلفة للبشر.
المرحلة الرابعة: الفعالية
هذه هي المرحلة الأخيرة من التجارب المعملية للقاح؛ وتطول مدتها لفترة طويلة نسبيًّا؛ لأن العلماء يعطون اللقاح لآلاف الأشخاص، وفي هذه المرحلة يُمنح المتطوع أيضًا عقارًا طبيًّا يعرف باسم «العلاج الوهمي(Placebo)»؛ ودور العلاج الوهمي هو مقارنة فاعليته بفعالية اللقاح للوقوف على مدى نجاح اللقاح في إحداث الاستجابة المناعية المطلوبة.
وفي الوقت نفسه تتيح التجارب الكثيفة في هذه المرحلة الفرصة للعلماء للتعرف إلى نسبة الآثار الجانبية المتوقعة للقاح؛ ومدى تأثيرها في الإنسان واستجابته المناعية لفيروس كورونا.
المرحلة الخامسة: الاعتماد الرسمي
بعد مرور اللقاح بنسبة نجاح عالية من المراحل الأربعة السابقة؛ يدخل إلى مرحلة الاعتماد الرسمي، والذي تمنحه الحكومات والهيئات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية ومنظمات الأمم المُتحدة.
في الطبيعي تقسم هذه المرحلة إلى مرحلتين؛ في المرحلة الأولى تمنح الحكومة أو الهيئة الدولية صفة الاعتماد المبدئي للقاح؛ ومن ثم يُطرح للاستخدام؛ وتراقب الحكومة مدى تأثيره في المتلقين، وفي حالة النجاح بنسبة كبيرة؛ يُمنح اللقاح صفة الاعتماد الرسمي النهائي ويطرح بشكل أكبر في سوق الأدوية.
لكن وبسبب الانتشار الضخم لجائحة كورونا المُستجد؛ اتجهت الحكومات والهيئات الدولية إلى منح صفة الاعتماد الرسمي للعديد من لقاحات كورونا.
بعد انفجار الجائحة؛ كرَّست آلاف المؤسسات الطبية في العالم أغلب مصادرها للتوصل إلى اللقاح؛ ونجح حتى الآن حوالي 108 لقاحات في المرور من مرحلة الاختبارات الأولية التي تجرى فيها التجارب على الحيوانات، والشكل التالي يوضح حالتها في المراحل التالية:
وهذه لقاحات كورونا التي جرى اعتمادها رسميًا
وأخيرًا.. كم جرعة لقاح مُنحت في الشرق الأوسط؟