البرلمان يهاجم الحكومة والانتقالي ويتهمهما بتقويض الدولة وعرقلة مهامه

حكومية

 

 

عقدت هيئة رئاسة مجلس النواب اليمني ورؤساء الكتل البرلمانية اجتماعين استثنائيين يومي الأربعاء والخميس (23–24 يوليو 2025)، برئاسة الشيخ سلطان البركاني، لبحث الأوضاع المتدهورة في البلاد، وعلى رأسها الانهيار الاقتصادي وتفاقم الأزمات المعيشية واختلال أسعار الصرف، إلى جانب مناقشة مسار اللجان البرلمانية المكلفة بالنزول الميداني إلى المحافظات.

 

وفي مستهل الاجتماعات، التي عُقدت عبر الاتصال المرئي، جرى استعراض تقارير اللجان البرلمانية المشكلة مطلع يوليو، للقيام بزيارات رقابية إلى عشر محافظات. وتركزت المناقشات حول تقرير لجنة تقصي الحقائق إلى محافظات حضرموت والمهرة وسقطرى، والتي تعرضت لاعتداءات من قبل مجاميع مسلحة تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، أجبرتها على مغادرة فندق كانت تقيم فيه بمدينة المكلا، تحت تهديد باقتحامه بالقوة، وسط صمت وتجاهل تام من السلطات المحلية.

 

اتهامات مباشرة للسلطة المحلية وتحذير من انهيار مفهوم الدولة

أدان الاجتماع بأشد العبارات ما تعرض له أعضاء اللجنة، محملًا السلطة المحلية في حضرموت المسؤولية الكاملة عمّا جرى، واعتبر أن ما حدث لا يمثل حضرموت وأهلها، بل يكرس الفوضى ويهدد كيان الدولة ويضرب الدستور والشرعية في الصميم.

 

كما تقرر تعليق أعمال لجنة عدن–تعز، التي كانت في طريقها إلى العاصمة المؤقتة يوم الحادثة ذاتها، فيما واصلت لجنة مأرب–شبوة–أبين مهامها في محافظة مأرب، حيث حظيت بتعاون لافت من السلطات المحلية هناك، وأتمت أعمالها في أجواء مؤسسية واحترام واضح لأحكام القانون.

 

اتهامات لرئيس الوزراء بالتقاعس والتضليل

وفي جانب متصل، ناقش المجتمعون العراقيل التي واجهت عمل اللجان البرلمانية، متهمين رئيس الوزراء المعيّن سالم بن بريك بالتقاعس عن تنفيذ التزاماته، وعدم إصدار توجيهات رسمية إلى الوزارات والمؤسسات بالتعاون مع اللجان، رغم الاتفاق المسبق مع البرلمان، وادعائه خلاف ذلك. وكشف الاجتماع أن الرسائل المفترض إرسالها ظلت حبيسة أدراج أحد الموظفين، في مشهد وصفه النواب بـ"المؤسف والمضلل".

 

وأكد البرلمان أن هذا السلوك يمثل استخفافًا بالدستور وتقويضًا لدور السلطة التشريعية، ما يتطلب محاسبة فورية لكل من أعاق عمل المجلس، داعيًا مجلس القيادة الرئاسي إلى تحمّل مسؤولياته وتمكين مجلس النواب من الانعقاد الدائم في العاصمة المؤقتة عدن.

 

دعوات لاستعادة التوازن بين السلطات وتحذير من الانهيار الشامل

وشدد النواب على أن استمرار الحكومة في العمل دون رؤية واضحة أو برنامج خاضع للرقابة والمساءلة أمر غير مقبول، مؤكدين أن غياب الشفافية وتفشي الفساد وغياب المحاسبة وراء تفاقم أزمة المرتبات والخدمات، وانتشار الجبايات غير القانونية من قبل جهات متنفذة.

 

كما أشار الاجتماع إلى أن محاولات البرلمان لانعقاده الدستوري منذ أغسطس 2023 باءت بالفشل بسبب مماطلة مجلس القيادة، مشيرين إلى أن بعض المكونات السياسية لم تكتف بتعطيل انعقاد المجلس، بل تجاوزت ذلك إلى عرقلة عمل لجانه الرقابية.

 

المجلس يجدد تمسكه بدوره التشريعي والرقابي

وجددت هيئة رئاسة المجلس التأكيد على تمسكها بالدستور وبحق البرلمان في ممارسة صلاحياته باعتباره السلطة الشرعية الوحيدة القائمة، مشيرة إلى أن الدستور ينص على استمرار المجلس في أداء مهامه حتى إجراء انتخابات جديدة بعد زوال الظروف القاهرة، في ردّ مباشر على محاولات التشكيك بشرعيته.

 

وطالب النواب بإعادة ترتيب العلاقة بين السلطات الثلاث بما يعيد التوازن، ويمكّن الدولة من استعادة سلطتها، مشددين على أن مكافحة الفساد مسؤولية جماعية لا تخص جهة بعينها، بل كل مؤسسات الدولة وعلى رأسها مجلس النواب.

 

رسائل شكر وانتقادات حادة

وفي ختام الاجتماع، وجه النواب الشكر لجهاز الرقابة والمحاسبة على تعاونه الكامل، وللسلطات المحلية التي سهلت أعمال اللجان، كما حيوا المكونات والأقلام الحرة التي أدانت ما جرى في حضرموت. في المقابل، عبّروا عن أسفهم لتحول بعض الجهات إلى مظلة تحمي الفساد وتمنع محاسبته.

 

وكلّف الاجتماع اللجان البرلمانية بإعداد تقارير شاملة تتضمن الوثائق والمعلومات التي جمعتها، تمهيدًا لعرضها على البرلمان ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات والفساد وسوء إدارة المال العام.

 

 دعوة للانعقاد وموقف لا رجعة عنه

أكد مجلس النواب في بيانه الختامي عزمه على مواصلة العمل لتمكين المجلس من الانعقاد الدائم في عدن، وممارسة دوره الرقابي والتشريعي وفقًا للدستور، مشددًا على أن المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد تتطلب موقفًا وطنيًا جادًا، وإرادة سياسية حقيقية لإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس من الشفافية والمساءلة.