تزايدت في الأيام الأخيرة شكاوى المواطنين اليمنيين الراغبين في أداء فريضة الحج لهذا العام، من تعرضهم لابتزاز مالي تحت مسمى "الرسوم الإضافية" أو "العمولات"، التي تفرضها جهات معنية بالسفر والوثائق الرسمية، ما أثار موجة من الغضب والاستياء في الأوساط الشعبية وعلى منصات التواصل الاجتماعي.
وبحسب شكاوى متطابقة، تحدث بها عدد من الحجاج إلى وسائل إعلام محلية، فإن تلك المبالغ تُفرض إما من جهات رسمية، أو من خلال شركات ووكالات سفر وعمرة خاصة، دون أي مسوغ قانوني أو رقابي واضح.
وأكد المواطنون أن هذه الإتاوات تُحصّل منهم خلال مراحل استخراج الوثائق، والتفويج، والحجز الجوي، سواء في المناطق الواقعة تحت إدارة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، أو حتى في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي.
وذكر عدد من المواطنين أن الرسوم المفروضة من بعض الشركات الخاصة في مناطق الحكومة الشرعية تتراوح بين 1500 إلى 2000 ريال سعودي، أي ما يعادل تقريبًا بين 400 إلى 533 دولارًا أمريكيًا، وهي مبالغ تفوق ما يُعلن رسميًا كتكاليف لرحلة الحج.
في المقابل، أشار آخرون إلى أن هذه الرسوم قد تنخفض إلى أقل من نصف ذلك المبلغ في مناطق سيطرة جماعة الحوثيين، في ظل اختلاف الأنظمة والجهات المشرفة على إجراءات الحج.
الخطوط الجوية اليمنية: لا تهاون مع المخالفين
من جانبها، أعربت شركة الخطوط الجوية اليمنية عن استنكارها الشديد لهذه الممارسات، مؤكدة في بيان صحافي أنها لن تتهاون في مواجهة أي تجاوزات أو فرض عمولات غير قانونية على المواطنين من قبل وكالات السفر أو أي جهات أخرى.
وأكدت الشركة أنها تتابع الشكاوى عن كثب، وتتعاون مع الجهات الرسمية للوقوف على ملابسات هذه الانتهاكات، والعمل على ضبط الجهات المتورطة فيها. كما شددت على أهمية الحفاظ على شفافية إجراءات الحجز والسفر للحجاج، ومنع أي محاولات استغلال لهم تحت غطاء إجراءات السفر.
ودعت اليمنية، في بيانها، المواطنين إلى الإبلاغ الفوري عن أي ممارسات ابتزاز أو رسوم إضافية غير مصرح بها، مشيرة إلى أنها ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة، بالتنسيق مع الجهات المختصة، تجاه أي وكالات أو شركات تخالف التعليمات المنظمة للعملية.
دعوات للمحاسبة والرقابة
في السياق، طالبت منظمات حقوقية ومدنية الحكومة اليمنية بتشكيل لجنة رقابة مشتركة لمتابعة ملف تفويج الحجاج، وضمان عدالة وشفافية الإجراءات وعدم استغلال المواطنين ماليًا، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها اليمنيون.
كما دعا ناشطون إلى نشر قائمة رسمية بأسعار التذاكر، ورسوم الوكالات، والتكاليف المحددة لكل مرحلة من مراحل الحج، وتعميمها على مكاتب السفر، منعًا للتلاعب أو استغلال الحجاج الذين يتحملون عناء السفر والتكاليف من أجل أداء الفريضة الدينية.
ويأتي هذا التصعيد في وقت يشهد فيه ملف الحج في اليمن تفاوتًا كبيرًا في التنظيم والإشراف بين مناطق الحكومة الشرعية والمناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، وسط غياب التنسيق الوطني الموحد لموسم الحج للعام الجاري.
ومع استمرار الأزمة السياسية والاقتصادية، يتحول موسم الحج سنويًا إلى فرصة للابتزاز والاستغلال المالي من بعض الأطراف، في ظل ضعف الرقابة وغياب المحاسبة.