تأثير الأزمات الاقتصادية على أسواق اليمن وقدرات المواطنين الشرائية

تقارير

 

تواجه أسواق اليمن تحديات كبيرة نتيجة للأزمات الاقتصادية المستمرة التي أثرت بشكل عميق على حياة المواطنين وقدرتهم الشرائية. هذه الأزمات ترافقها مستجدات من تصاعد الأحداث في مختلف أنحاء البلاد، مما أدى إلى زيادة الأسعار بشكل ملحوظ.

في موسم عيد الفطر الحالي، الذي يسبق العيد بفترة قصيرة، وصلت الأسعار إلى مستويات قياسية، مما جعلها تفوق القدرة الشرائية لأكثر من 80% من السكان.

 

تأثير الأوضاع الاقتصادية على شراء ملابس العيد

تسببت هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة في تغييرات ملحوظة على نمط استهلاك الملابس الجديدة بمناسبة عيد الفطر. حيث أصبح شراء الملابس مقتصرًا على الطبقات الأكثر قدرة على تحمل الأعباء المالية، مثل الأغنياء والميسورين.

هؤلاء الأفراد يفضلون التوجه إلى "المولات" الحديثة التي تم افتتاحها في الآونة الأخيرة، على الرغم من حالة الركود التي تسود الأسواق نتيجة للظروف الاقتصادية.

 

من جهة أخرى، اضطرت الفئات المتوسطة والمحدودة الدخل إلى التوجه إلى أسواق أخرى، مثل البسطات والباعة الجائلين، حيث توفر هذه الأماكن أسعارًا أقل مقارنة بالمولات. بالنسبة للفقراء، أصبح التنزه والنظر إلى البضائع المعروضة في هذه الأسواق هو النشاط الأكثر شيوعًا خلال موسم العيد، حيث يعجزون عن شراء الملابس الجديدة.

 

تفاوت القدرة الشرائية بين الفئات الاجتماعية

يُظهر الباحث في الاقتصاد الاجتماعي، على المليكي، أن الأزمات الاقتصادية قد خلقت تفاوتًا في قدرة الأسر على شراء ملابس العيد. فالأسر القادرة توفر الملابس الجديدة لجميع أفراد الأسرة دون استثناء، مما يخلق حالة من التنافس بين الأفراد على جودة الأصناف والماركات.

في المقابل، الأسر الفقيرة تجد صعوبة كبيرة في توفير الملابس لأطفالها، حيث يقتصر الأمر على الفئة العمرية الأصغر (أقل من عشر سنوات) أو يقتصر على عدد محدود من الأطفال في الأسرة.

 

هذا التفاوت في القدرة الشرائية يزداد وضوحًا بسبب تأثيرات الحرب المستمرة، مما يضاعف من معاناة المواطنين في توفير احتياجاتهم الأساسية.

 

الاختلاف في أسعار الملابس بين صنعاء وعدن

بينما توجد اختلافات كبيرة في أسعار الملابس بين المناطق المختلفة في اليمن، تظهر صنعاء، التي يسيطر عليها الحوثيون، مثالًا على ذلك. في صنعاء، يتراوح سعر كسوة أربعة أطفال بين 150 ألف ريال، في حين أنه في عدن، حيث تسيطر الحكومة المعترف بها دوليًا، تتفاوت الأسعار بشكل أكبر، حيث يصل سعر كسوة ثلاثة أطفال إلى 250 ألف ريال. والسبب في هذا التفاوت يعود إلى التباين الكبير في سعر صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية بين المناطق المختلفة.

 

ظهور "المولات" التجارية في ظل الأزمات

على الرغم من التحديات الاقتصادية العميقة، تم افتتاح العديد من "المولات" التجارية الجديدة في صنعاء وعدن ومدن أخرى خلال السنوات الأخيرة، وهو أمر يثير التساؤلات حول قدرة هذه المشاريع التجارية على الاستمرار وسط الظروف الاقتصادية الراهنة.

حيث تم رصد أكثر من 30 "مولًا" جديدًا في ست مدن رئيسية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وافتتحت هذه المولات قبل شهر رمضان لتلبية احتياجات الطبقات العليا من المجتمع، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.

 

على سبيل المثال، تم افتتاح "مول" ضخم في صنعاء في منطقة حدة جنوب غرب المدينة، ويثير هذا المشروع جدلًا واسعًا حول قدرة هذه الاستثمارات على البقاء في السوق في ظل الظروف الأمنية والاقتصادية الحالية.

ومع ذلك، رصد بعض الملاحظات حول الإقبال المحدود على هذه المولات، حيث أن الكثير من الزوار يأتون فقط للفرجة على السلع المعروضة دون القدرة على الشراء.

 

تأثير التفاوت في سعر الصرف على الأسعار

أدى النزاع القائم في القطاع المصرفي إلى زيادة الأعباء على المواطنين اليمنيين، حيث يشير الباحث الاقتصادي نبيل الشرعبي إلى أن الصراع على القطاع المصرفي بين الأطراف المختلفة قد عزز من التفاوت في سعر صرف العملة المحلية، مما انعكس بشكل مباشر على الأسعار في الأسواق.

هذا التفاوت في أسعار الصرف، بين مناطق سيطرة الحكومة والمناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، تسبب في ارتفاع الأسعار بشكل غير متوازن، ما أثر سلبًا على القدرة الشرائية للمواطنين.

 

الخلاصة

تُظهر هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة أن الأزمات التي يمر بها اليمن تؤثر بشكل عميق على حياة المواطنين. بين ارتفاع الأسعار وارتفاع معدلات الفقر، أصبحت القدرة على شراء الأساسيات مثل الملابس الجديدة في المناسبات الدينية مجرد حلم بعيد عن متناول غالبية السكان.

يظل التفاوت في مستويات القدرة الشرائية سمة بارزة في المجتمع اليمني، مما يزيد من الفجوة بين الطبقات الاجتماعية ويؤثر على أنماط الاستهلاك بشكل كبير.