مصير المنظمات الأممية بعد تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية: بين التحديات والتداعيات

تقارير

 

مع دخول تصنيف الولايات المتحدة لجماعة الحوثي منظمة إرهابية حيز التنفيذ، يثار تساؤل جوهري حول مستقبل المنظمات الأممية العاملة في اليمن، حيث تواجه هذه المنظمات وضعًا أكثر تعقيدًا في واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم.

 

تأثيرات مباشرة على العمليات الإنسانية

 

لطالما اعتمدت المنظمات الأممية، مثل برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الصحة العالمية، على تسهيلات ميدانية من قبل الحوثيين لإيصال المساعدات الإنسانية إلى ملايين اليمنيين في مناطق سيطرتهم.

غير أن التصنيف الإرهابي قد يحدّ من قدرة هذه المنظمات على التنسيق مع الجماعة، خشية التعرض لعقوبات دولية، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.

 

1. قيود قانونية وتشريعية:

بموجب التصنيف، تُحظر التعاملات المالية واللوجستية مع الجماعة، مما قد يمنع المنظمات من تحويل الأموال ودفع رواتب الموظفين المحليين أو حتى التعاقد مع موردين داخل مناطق سيطرة الحوثيين.

 

2. تعقيدات ميدانية:

تواجه المنظمات تحديًا في ضمان سلامة فرقها العاملة، إذ قد تتخذ الجماعة إجراءات مضادة، مثل منع تحركات الطواقم الإغاثية أو احتجاز العاملين كما حدث في حالات سابقة.

 

3. صعوبات تمويلية:

العديد من الدول والجهات المانحة قد تتردد في تمويل مشاريع المساعدات في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون خشية تورطها في دعم كيان مصنف إرهابيًا، مما قد يؤدي إلى تراجع التمويل الإنساني في اليمن.

 

المنظمات بين ضغوط الالتزام والبحث عن استثناءات

 

على غرار سيناريوهات سابقة مع منظمات مصنفة إرهابية، قد تلجأ الأمم المتحدة إلى طلب استثناءات قانونية من الولايات المتحدة والجهات المانحة لضمان استمرار العمل الإنساني.

فمثل هذه الاستثناءات كانت قد مُنحت في أفغانستان لحركة طالبان بعد سيطرتها على الحكم، لكن ذلك يبقى رهنًا بالتوافق السياسي.

 

في المقابل، قد تلجأ بعض المنظمات إلى العمل عبر قنوات وسيطة أو إعادة تموضع في مناطق خاضعة للحكومة الشرعية، وهو ما قد يؤدي إلى تقييد نطاق الإغاثة وعدم وصول المساعدات لمن هم في أمسّ الحاجة إليها.

 

مستقبل العلاقة بين الأمم المتحدة والحوثيين

 

التصنيف قد يدفع الحوثيين إلى تبني مواقف أكثر تشددًا تجاه المنظمات الدولية، وقد يشمل ذلك فرض مزيد من القيود على أنشطتها، أو حتى اتهامها بالتواطؤ مع القوى الغربية، ما قد يعقد جهود الوساطة الأممية في الملف اليمني.

 

سيناريوهات محتملة

      1.   إعادة التفاوض على آليات العمل الإنساني: قد تضطر الأمم المتحدة لعقد مفاوضات جديدة مع الحوثيين لإيجاد صيغة تضمن استمرار المساعدات مع الالتزام بالقوانين الدولية.

      2.   تصعيد ميداني ضد المنظمات: قد يلجأ الحوثيون إلى التضييق على العاملين الإنسانيين كرد فعل على التصنيف، مما يهدد مستقبل العمليات الإغاثية.

      3.   إيجاد بدائل عبر المنظمات المحلية: يمكن للأمم المتحدة اللجوء إلى منظمات محلية غير مرتبطة بالحوثيين لضمان تدفق المساعدات، لكن ذلك يظل محفوفًا بالمخاطر.

 

يضع تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية الأمم المتحدة أمام معادلة صعبة بين الالتزام بالقوانين الدولية وضمان استمرار المساعدات الإنسانية.

 

وفي ظل أزمة إنسانية متفاقمة، فإن أي انقطاع في عمليات الإغاثة قد تكون عواقبه وخيمة، ما يفرض على المجتمع الدولي البحث عن حلول تضمن إيصال الدعم دون أن يصبح وقودًا للصراع السياسي.