لم يحدث أن اخذت كلمة الجهاد على محمل الجد الشخصي، بين عشاء ومغرب جامع عمر بن عبد العزيز في إب، واثناء الرحلات وفي لحظات الإصغاء لتسجيلات احمد القطان وقراءة كتب سيد قطب، حتى اثناء متابعة حلقات المسلسلات الإسلامية او تصفح بعضا من مؤلفات بن تيمية.
كنت اقر الفكرة وأتجنبها واثناء ذلك الاقرار بالمبدأ بقيت احيل المهمة على ماضي جيوش أمتنا وعلى حاضر مجاهدين قد اتبرع لصالحهم شأن المجاهدين الأفغان، لكنني لم أفكر لوهلة ان اكون واحدا منهم.
أمسينا ليبراليين تقدميين لاحقا، نكتب للصحف وندير نقاشات ندعي فيها ان الجهاد فكرة عنف ودعوة لقتل الآخر المختلف.
انخرطت كغيري في تمجيد اخلاق الغرب وإطراء اخلاق الكنيسة بوصفها ايقونة للتسامح الديني ودعوة خالصة للحب.
الآن فحسب، واثناء هذا التوحش واستباحة دم اهلنا في مشاهد مباشرة يتابعها كل العالم، ومع احساسي اليومي بالعجز ولا جدوى الكتابة تضامنا.
تماهيت مع الفكرة وتمنيت وأتمنى كل مساء لو انني كنت مجاهدا هناك، وإن لم أكن فأنا أدرك ما الذي يتناوب رجلا يحتشد ذهنه بصور الجثث وصرخات الأطفال، أدرك الان على الاقل ما الذي يصل بالإنسان للمرحلة التي يتمنطق فيها حزاما ناسفا وأي أحساس محتدم يدفعه وهو ينطق الشهادتين قبل أن يضغط زر التفجير.
التوحش كفيل بإعادة الانسان لجوهر احساسه بالعجز ويمنحه الحق وقوة الاندفاع ليكون انتحاريا من فرط انفعاله تجاه التوحش واستباحة الجسد الانساني لحظة ان لا يكترث لعذاباته أحد.
لحظة الإبادة واستباحة دم الانسان في حالة من تواطؤ القريب قبل الغريب، لحظتها فحسب يلهج الرجل من صميم روحه: "ليتني كنت معهم".